www.tasneem-lb.net

أخلاق

ظلال وارفة - الإمام السجاد عليه السلام

ظلال وارفة

الإمام السجاد عليه السلام

                  

منح الإمام السجاد عليه السلام ربه عز وجل كل مدائحه وقصائده، وحبه وفكره وذكره، وخشوعه ودموعه.. بلكل وجوده وحياته، في يومه وليله، وحله وترحاله.

وهو مع ربه عز وجلفي غاية الأدب، ينتقي في تصرفاته الحركة والسكون ، لأنه في محضره سبحانه. وينتقيللحديث عنه أحسن الكلمات وأبلغ المعاني. أما حديثه معه فيخصه بأعلى الكلام وأروعه!

الصحيفة السجادية، زبور آل محمد (صلى الله عليه وآله) كتابٌ لم يعرفه الناس!

وأول ما تبهرك فيه قدرة معماره على بناء العبارة العربية، فهو أقدر من أيِّ بليغٍ تصفه بأنه متمكن مناللغة، آخذ بناصية مفرداتها وتراكيبها، فمفردات العربية تدور حول إمامها (عليهالسلام) كالنجوم حول قطبها، تعرض أنفسها على أنامل فكره أفعالاً وأسماءً وحروفاًوصيَغَ تعبير، طائعةً متواضعة، عسى أن يشرفها فيجعلها آجرَّةً في صروحه، أو لُحمةًفي لوحاته .

الكلمة عند الإمام(عليه السلام) موجود حيويٌّ.. بنفسها، لأنه ينتقيها من أسفاط اللغة كما ينتقيالخبير جواهره ليصوغها ويصوغ بها.

وبمحيطها، الذييضعها فيه فتحييه ويحييها.

وبخيوط ارتباطها،التي يشدها بها بالكلمات والحروف.

وبأشعتها، التييمنحها لها، فتشرق في جدلية خاصة في فقراته ومقطوعاته.

والفكرة عنده..روحٌ تنبض في الكلمة، وتنبض بها، تجيء من أفق أعلى، غنيٍّ غزير، ينساب في الروح،ويلذُّ للعقل، ويناغي أوتار النفس.

أفقٌ جمالي، ينحدرمنه كلام الإمام (عليه السلام) بأروع من جمال الورود والنسائم والملكات والحوريات،فهو آت من معدن الجمال الأعلى ومنبعه.

جمالٌ، تُفيضهروحٌ عُلْوية لا ترى في الوجود إلا جميلاً! فهذا الوجود عندها له ربٌّ جميل لايصدر عنه إلا الجميل، وهي ترى الأشياء بجماله وكماله، ولا ترى ما يعكر جماله حتىخطايا الإنسان، وحتى القوانين والمقادير.

روحٌ جمالية، ترىالنصف الفارغ من الكأس جميلاً كالمملوء، وتتحير في أيهما الأجمل: ما يفقده الإنسانفي مرضه من صحته، أو ما يبقى له منها إستمع إليه كيف يتكلم مع ربه: (إذا مرض أونزل به كرب أو بلية).

أللَّهُمَّ لَكَالْحَمْدُ عَلَى مَا لَمْ أَزَلْ أَتَصَرَّفُ فِيهِ مِنْ سَلاَمَةِ بَدَنِي،وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَحْدَثْتَ بِيْ مِنْ عِلَّة فِي جَسَـدِي. فَمَاأَدْرِي يَـا إلهِي، أَيُّ الْحَالَيْنِ أَحَقُّ بِالشُّكْرِ لَكَ، وَأَيُّالْوَقْتَيْنِ أوْلَى بِالْحَمْدِ لَكَ، أَوَقْتُ الصِّحَةِ الَّتِي هَنَّأْتَنِيفِيهَا طَيِّبَاتِ رِزْقِكَ، وَنَشَّطْتَنِي بِهَا لابْتِغاءِ مَرْضَاتِكَوَفَضْلِكَ، وَقَوَّيْتَنِي مَعَهَا عَلَى مَـا وَفَّقْتَنِي لَهُ مِنْطَـاعَتِـكَ أَمْ وَقْتُ الْعِلَّةِ الَّتِي مَحَّصْتَنِي بِهَا، وَالنِّعَمِالَّتِي أَتْحَفْتَنِي بِهَا تَخْفِيفاً لِمَا ثَقُلَ بِهِ عَلَى ظَهري مِنَالْخَطِيئات.

(الصحيفةالسجادية/الدعاء الخامس عشر) .

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد