www.tasneem-lb.net

شهر رمضان

شهر رمضان - ليلة التكامل الروحي |1|

ديننا
ليلة التكامل الروحي
|1|

إنّ ليلة القدر هي بلا شكّ ليلة مباركة؛ فهي الوسيلة إلى تكامل الشخصية، وتغيير النفس.
ونحن نرجو أن يجعل تعالى هذه الليلة بالنسبة إلينا ليلة نقفز فيها قفزات حقيقية، ونرتفع في المستويات الإيمانية.. فمن المفروض أن نجعل شهر رمضان المبارك شهر التقدّم نحو الأمام، وشهر العروج والتكامل والتغيير، وأن لا ندعه يمرّ كما يمرّ أيّ شهر آخر، وهذا كلّه يرتبط بهمّتنا، وإرادتنا، ومدى صدقنا في هذه الهمّة والإرادة.

نعم! إنّ ساعة واحدة في ليلة القدر التي تبدأ من غروب الشمس إلى طلوع خيط الفجر إذا ما نظر إلينا فيها الربّ الكريم الرؤوف نظرةً ملؤها الرحمة والرأفة، فسوف نصبح حينئذ من أسعد الناس، ويحقّ لنا أن نغبط أنفسنا على بلوغ هذه الدرجة، إذ سننتقل بوثيقة الرحمة الإلهية من صفّ المطرودين المنبوذين الآيسين من روح الله ورحمته إلى صف أولئك المحصّنين بحصن الله الذي لا حصن أقوى منه. 

فلنطلب من الله تبارك وتعالى الأمور المهمّة تاركين الأمور الهامشيّة والجزئيّة، وعلينا أن نطلب ذلك بإلحاح ضمن يقين مسبق بأننا لا نتوجّه إلى باب مغلق، بل إلى رحمة واسعة وربّ غفور كريم، لا يزيده العطاء إلّا جوداً وكرماً، فهو يعطينا ويزيد في عطائنا. 

نعم هي ليلةٌ خير من ألف شهر.
في حديث مروي عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حدّد فيه هدف خلقة الإنسان ضمن كلمات مختصرة هي غاية في العبقرية والبلاغة، إذ يقول صلوات الله عليه: "أيها الناس؛ إن الله تبارك وتعالى لمّا خلق خلقه أراد أن يكونوا على آداب رفيعة وأخلاق شريفة، فعلم أنهم لم يكونوا كذلك إلاّ بأن يعرّفهم ما لهم وما عليهم، والتعريف لا يكون إلّا بالأمر والنهي، والأمر والنهي لا يجتمعان إلّا بالوعد والوعيد، والوعد لا يكون إلاّ بالترغيب، والوعيد لا يكون إلاّ بالترهيب، والترغيب لا يكون إلاّ بما تشتهيه أنفسهم وتلذّه أعينهم، والترهيب لا يكون إلاّ بضد ذلك. ثم خلقهم في داره وأراهم طرفاً من اللذات ليستدلّوا به على ما ورائهم من اللذات الخالصة التي لا يشوبها ألم، ألا وهي الجنة. وأراهم طرفاً من الآلام ليستدلّوا به على ما ورائهم من الآلام الخالصة التي لا يشوبها لذة، ألا وهي النار. فمن أجل ذلك ترون نعيم الدنيا مخلوطاً بمحنها، وسرورها ممزوجاً بكدرها وغمومها"، بحار الأنوار-ج5.

إن هذا القول الشريف تجسيد خالص لنظرية الإسلام في سبب الخلقة، النظرية التي احتوتها عشرات الآيات القرآنية ومئات الروايات التي وصلتنا عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام، وتناولها العلماء الاعلام قدّس الله أرواحهم بالشرح والتفصيل.
فلولا هذا الهدف لما خُلقنا وما كنا على وجه هذه البسيطة.

فنسأل الله أن نكون عند حُسن ظنّه بنا ولنسعى بكل جهودنا لتكامل هذه النفس وهذه الشخصية الإسلامية الفذة لنكون فخرًا لنبينا حين يباهي بنا الأمم يوم القيامة!
يتبع


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد