www.tasneem-lb.net

معالي الدعاء

معالي الدعاء - مكارم الأخلاق |5|

مكارم الأخلاق
|5|

 

ردّ السيئة بالحُسنى
"وسدِّدْني لأن أعارض مَن غشّني بالنُصح، وأُجزي مَن هجرني بالبر، وأثيب من حرمني بالبذل، وأكافي من قطعني بالصلة وأخالف من اغتابني إلى حُسن الذكر، وأن أشكر الحسنة وأغضي عن السيئة".

عندما يتعرض الإنسان للإساءة فإن انفعاله تجاهها يكشف كثيرًا عن قِيمه الذاتية ونمط تفكيره:
- فهو إما يندفع كرد فعل أولي إلى مبادلة الإساءة بمثلها، فيكون مفتقرًا في هذه الحالة إلى أخلاقيات الحُلم وكظم الغيظ.
- وإما يسامح ويعفو ويتغاضى عن السيئة، لكنه لا يبادر إلى تصرف حَسَن مع الشخص المسيء. وهنا يكون قد أظهر كرمًا وطيبًا في الأخلاق، إلا أنه لا يمتلك ثقافة الإصلاح ورأب الصدع في العلاقات.
- وفي الحالة الثالثة، وهي الأندر من بين الحالات السابقة، أن لا يكتفي بالعفو بل يحرص على رد الإساءة بالحُسنى.
وهذا التصرف هو الأحب إلى الله والأقرب للعقلانية، لأنه الطريق الأقصر للإصلاح في المجتمع ونبذ التفرقة والعدوانية.
"وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)"، (فصلت).

وما هذه المثاليات الخيالية؟ قد يتساءل أحدكم فكثيرون لا يزيدهم الإحسان إلا عنادًا وتمردًا!

لنتأمل قصة الإمام الحسين عليه السلام مع الحر الرياحي. الرجل الذي أجبر الإمام على التوجه إلى كربلاء ومنعه من الذهاب إلى الكوفة وضايق أهله وروّع أطفاله. ماذا فعل معه الإمام؟ وما كانت نتيجة هذا الفعل!
لم يبادله الحسين عليه السلام بأية عدوانية، إنما أكرمه وسقاه وجندَه وخيلَه ثم صلّى به جماعةً، والرجل مع ذلك كله لم يغيّر موقفه في تلك اللحظة!
لكنه بعد مدة زمنية، وبالتحديد أثناء معركة كربلاء، راجع الحرُّ حساباته فانضم إلى معسكر الحق واستشهد بين يديه.
وبالخلاصة، فإن قيمة وميزة الإنسان هي أن يتحلى بالخُلق الإلهي، فينظر إلى مَن يخطئ بحقه نظرة مشفق عطوف، تمامًا كنظرة الباري عز وجل إلى عباده المذنبين، فيعمل على إصلاح عيوبهم وسد النقص فيهم.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد