www.tasneem-lb.net

أخلاق

أخلاق - صبرٌ جميل البلاء

ديننا
صبرٌ جميل

البلاء.. علامة حب الله للإنسان المؤمن
 

سُئل رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَنْ أشدّ الناس بلاءً في الدنيا؟ فقال: النبيّون، ثمّ الأمثل فالأمثل، ويبتلى المؤمن من بَعْدُ على قدر إيمانه، وحُسن أعماله؛ فمن صحَّ إيمانه وحسن عمله اشتدّ بلاؤه، ومن سَخُفَ إيمانه وضعف عمله قلَّ بلاؤه" (الكافي، الكليني، ج2، ص252.)
إنّ كلّ عمل يصدر عن الإنسان في عالم الدنيا، يترك أثراً لدى النفس، من دون فرق بين الأعمال الحسنة أو السيئة. فكلّ لذّة يتلذّذ الإنسان بها من الطعام أو الشراب أو غيرهما، تترك أثراً في النفس، ويحصل تعلّق ومحبّة تجاهه، ويزداد توجّه النفس إليه.
وكلّما توغّل الإنسان في الملذات أكثر، ازداد تعلّق النفس وحبّها لهذا العالَم أكثر، وكانت غفلتها عن الحقّ وعالم الآخرة أكثر، فتتربّى النفس وترتاض على التعلّق بالدنيا، وتنصرف عن الحقّ ودار الكرامة نهائياً. وأما إذا عاش الإنسان وابتُلي بهموم الدنيا وآلامها وأسقامها ومشاكلها، نقصَ تعلّقه بها، وقلّ ركونه إليها، ونفر قلبه منها.

الابتلاء علامة محبة الله 
إذا أحبّ الله تعالى عبداً أبعده سبحانه عن هذا العالَم وزخارفه أكثر، ودفع به نحو أمواج الامتحان والاختبار والابتلاء أكثر، حتى تنقلع رغبته بالدنيا، فيوجّه وجهه حسب مستوى إيمانه إلى عالم الآخرة وترتبط روحه بذلك العالَم. 
وكلَّما ازداد الإنسان إيمانا وقرباً من الله، كلّما كان أكثر وأعظم ابتلاءً، فعن الإمام الباقر (عليه السلام): "إنما يبتلى المؤمن في الدنيا على قدر دينه.." (الكافي، الكليني، ج2، ص253).
لهذا فإنّ الله تعالى يتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الغائب أهله بالهدية إذا حضر من سفره، فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): "إنَّ الله عزَّ وجلّ ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية من الغيبة.. " (الكافي، الكليني، ج 2، ص 255).
وفي المقابل، فإنّ عظيم الجزاء المأمول من البلاء والصبر عليه، يدفع بالمحبوب أن يتعاهد حبيبه به، وذلك في سبيل دفعه نحو مقامات القرب منه تعالى، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إنَّ عظيم البلاء يُكافأ به عظيم الجزاء؛ فإذا أحبّ الله عبداً ابتلاه بعظيم البلاء، فمن رضي فله عند الله الرضا، ومن سخط فله عند الله السخط". (الكافي، الكليني، ج2، ص253).
وذلك أنَّ البلاء أدعى إلى التقرب إلى الله تعالى، وأقوى دفعاً إلى الشكر والصبر، وطلب المعونة واستعراض الفقر والضعف والحاجة إليه تعالى.
وبذلك ينكشف سرّ كثرة الابتلاءات التي تعرض للمؤمنين، فإنهم يتنقّلون من بلاء إلى بلاء، كما لو سرى البلاء في حياتهم مسرى الدماء في العروق. عن الإمام الباقر (عليه السلام): "إنَّ الله تبارك وتعالى إذا أحبَّ عبداً غتّه بالبلاء غتّاً (أي غمسه في البلاء) (الكافي، الكليني، ج2، ص253).
والحمد لله رب العالمين.
بقلم الشيخ محمد سعد.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد