www.tasneem-lb.net

شهر رمضان

شهر رمضان - العارف بمقام ربه

العارف بمقام ربه لا يضّل ولا يشقى

 

قوله تعالى :(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى /وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)، سورة طه:١٢٣-١٢٤. 

الإنسان العارف بمقام ربه، إذا نظر إلى نفسه، وكذلك إلى الحياة الجامعة لأقسام الكدورات وأنواع الآلام، وضروب المكاره من موت وحياة، وصحة وسقم، وسعة وإقتار، وراحة وتعب، ووجدان وفقدان وجدها كلها مملوكة لربه، لا استقلال لشيء منها وفيها، بل الكل من الله سبحانه الذي ليس عنده إلا الحسن والبهاء والجمال والخير على ما يليق بعزته وجلاله.

فإذا نظر إليها وهي هكذا لم ير مكروهًا يكرهه ولا خوفًا يخافه ولا مهيبًا يهابه ولا محذوراً يحذره، بل يرى كل ما يراه حسنًا محبوبًا، إلا ما يأمره ربه أو يبغضه ويكرهه، وهو مع ذلك يكرهه لأمره، ويحب ما يحب، ويلتذ ويبتهج بأمره، لأن الله عزّ وجلّ مالك الأمر وهو يتصرف بملكه من إحياء وإماته ونفع وضرر وغيرها.

هذا الإنسان السعيد الذي يحيا الحياة الطيبة التي لا شقاء فيها البتة.. وهي نور لا ظلمة معه، وسرور لا غمّ معه، ووجدان لا فقد معه، وغنى لا فقر معه، وكل ذلك بالله سبحانه.

وفي مقابل هذه الحياة الطيبة حياة الجاهل بمقام ربه إذ أن هذا المسكين بانقطاعه عن ربه لا يقع بصره على موجود من نفسه وغيره، إلا رآه مستقلاً بنفسه، ضارًا ونافعًا خيرًا أو شرًّا، فهو يتقلّب في حياته بين الخوف عمّا يخاف فوته، أو الحذر عمّا يحذر وقوعه، والحزن لما يفوته، والحسرة لما يضيع عنه من جاه أو مال أو بنين أو اعوان، وسائر ما يحبه ويتكل عليه، ويعتمد عليه ويؤثره. 

هذا الإنسان الشقي الذي يعيش معيشة ضنكا، وهذا التعب والقلق في الحياة الدنيا وشقائها، هو أن يعيش الإنسان في الدنيا ناسياً لربه غافلًا عن مقامه، تفسير الميزان ج١٠ص١٢٨-١٢٩.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد