www.tasneem-lb.net

شهر رمضان

عقيدة - قرة عيني الصلاة |2|

قرة عيني الصلاة
|2|

في هذا العالم المادي، تبرز للإنسان الواحد أشكالاً وصورًا مختلفة، وذلك بحسب خاصية العين التي تنظر إليه.
والأمر نفسه يحصل في عالم الملكوت، إذ إن صورة الأشياء أو الأشخاص ليست متطابقة مع ما تراه أعيننا في الدنيا، لأن ذلك العالم هو غيبي ومجرد بالمطلق، وعينه لا تبصر إلا باطن الأمور وسريرتها، فتعطيها الصورة المناسبة لما عاينَتْه..

وغدًا يوم الحساب، حينما يُفتح كتاب أعمالنا، سنشاهد كل العبادات والأعمال التي أدّيناها على هيئات وأشكال غريبة لم نكن لنتوقعه بتاتًا.
"يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا.." (آل عمران-30)
والصلاة هي أول عمل ستبرز لنا صورته الحقيقية وسيكون له وقفة مطولة معنا يوم القيامة.
فمَن يهتم حقًّا بأن تكون صلاته بأبهى وأحلى صورة، عليه أن يفهم جيدًا حقيقتها، ليدرك بعدها كيف يؤديها خير أداء.

عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "من صلى الصلوات المفروضات في أوَّل وقتها فأقام حدودها، رفعها الملك إلى السماء بيضاء نقية وهي تهتف به: حفظك الله كما حفظتني، استودعك الله كما استودعتني ملَكاً كريماً، ومن صلَّاها بعد وقتها من غير علّة فلم يُقم حدودها، رفعها الملك سوداء مظلمة، وهي تهتف به ضيعتني ضيعك الله كما ضيعتني، ولا رعاك الله كما لم ترعني." (الامالي- الشيخ الصدوق).

ويقول الإمام الخميني المقدس "أيها العزيز شمّر ذيل الهمة وابسط يد الطلب وأصلِح حالاتك مهما تتحمل من التعب والمشقة، وحصّل الشرائط الروحية لصلاة أهل المعرفة، واستفد من هذا المعجون الإلهي الذي اكتُشف بالكشف المحمدي التام لمعالجة الآلام والنقائص النفسانية بأسرها..".
اذًا فالصلاة هي معجون إلهي، بمعنى المرهم الذي يداوي الجروح والندوب والآلام.
أي إن كان في نفسي ونفسك نقصٌ ما من تكبر أو عجب أو رياء أو حسد أو كذب.. فإن هناك مرهمًا يعالجها كلها، ويُدعى "الصلاة".
وإن كان لك ألمًا روحيًّا كفقد عزيز أو فشل أو خسارة أو خوف.. فإن جميعها ستزول مع الصلاة.

حسنًا، ومَن هو العالِم الفذ الذي تمكن من اكتشاف هكذا دواء عجيب؟
إنه محمد (صلى الله عليه وآله)، فلولا قلب محمد وصدر محمد لما استطاع مخلوق أن يستوعب حقيقة الصلاة وأن يقدمها للبشرية بصورتها التامة الكاملة، ذلك القلب الذي لم يكن يحتمل فراق محبوبه لساعات معدودات بين كل فريضة وأخرى، فينادي مؤذنه عندما يبلغ به الشوق مداه "أرحنا يا بلال".


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد