www.tasneem-lb.net

عاشوراء

عاشوراء - مصارع الكرام |4| أصحاب البصيرة |الجزء الثاني|

مصارع الكرام
|4|

أصحاب البصيرة 
|الجزء الثاني|

عابسٌ وحبيب ومسلم بن عوسجة وآخرون، لم ينزلوا من السماء، ولم يهطلوا من الغيم.
هؤلاء أتوا من الكوفة المُحاصَرة والمُغلقة حد الإختناق، وبالرغم من كل المخاطر، عبَروا وأصرّوا على اللحاق.
كان بإمكانهم الإعتذار، مع سببٍ وجيه.. لكنهم ليسوا من جماعة قنص الأعذار واصطيادها.
بل من أصحاب الألباب الذين قطفوا من بستان نفوسهم ثمار العقل والفطرة والقلب والروح والإرادة ثم جمعوها كلها في سلةٍ واحدة اسمها: "بصيرة".

سنناقش معكم في هذه الفقرة إشكالية كبيرة: ليس كلّ من عرف مقام الإمام الحسين عليه السلام، ولا كل من هام به حبًّا وعشقًا تمكن من نصرته‼️ فماذا كان ينقص المسلمين بعد حتى يكونوا كزهيرٍ وحبيبٍ وجون! وما الذي ينقصنا نحن أيضا حتى نكون مثلهم!

يركز العلم الحديث على "العقل" باعتباره جوهر الإنسان وحقيقته وعنصر تميّزه عن باقي المخلوقات. وعلى هذا الأساس نجد أن كافة المناهج التربوية تركز على تنمية العقل حصرًا، ولا تعطي الأبعاد الأخرى من شخصية الإنسان أهميتها المستحقة.. ولهذا السبب فقد فشلت كلها في بناء إنسان سليم ومتكامل.

بينما في النظرة الإسلامية، نجد أن تركيبة الإنسان مؤلفة من أبعاد أخرى إلى جانب العقل وهي: الروح، الفطرة، القلب، النفس وإرادة الإختيار.

ويلعب القلب الدور المحوري الجامع لكل الأبعاد الأخرى باعتباره مركز الإدراك والإنفعال والإحساس، فيمثل إطار:
• العقل (مركز التفكير والتعقل والتمييز).
• النفس (باطن الإنسان وسريرته بما تحمل من قيم وأخلاق وشهوات وميول..).
• الفطرة (مجموع الصفات التكوينية المجبولة في خلقة البشر).
• الروح (القوة غير المادية التي تبث الحياة في الجسد).
• ميزة الإرادة والاختيار التي تمكّن الإنسان من التحرر من قيود الوراثة والأسرة والبيئة الاجتماعية وغيرها.

ولذلك، فإن بناء البصيرة وإشعالها في القلب، تعني إيقاظ المعرفة العقلية، وتفاعل العاطفة والوجدان معها على ضوء حكم الفطرة الأصيلة، مع وجود توازن نفسي قادر على وضع الشهوات في موضعها الصحيح، ويقارب القضايا من منطلق قيمي ومبدئي، وكل هذه العناصر تقوم على أساس حرية الفرد في التصرف والاختيار.
              

 


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد