www.tasneem-lb.net

عاشوراء

عاشوراء - العشق الحسيني |4|

العشق الحسيني
|4|

فلسفة النهضة الحسينية

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «حسين منّي وأنا من حسين». وعنه (صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه) أنّه قال: «الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة».
لماذا أولى رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه) هذه الأهمية العظيمة لمسيرة الإمام الحسين (عليه السَّلام) بأقواله وأحاديثه الشريفة بحيث رسخت في النفوس وسكنت في قلوب المؤمنين على مرّ التاريخ؟ 
لو نظرنا إلى الحادثة منذ أن خرج الامام الحسين (عليه السَّلام) من المدينة وتوجّه نحو مكّة إلى أن استُشهد في كربلاء، لأمكننا أن نقول إنّ الإنسان يستطيع عدّ الكثير من الدروس المهمة في هذا التحرّك الّذي استمرّ أشهراً معدودةً فقط.
 وكلّ فصل من هذا الحدث العظيم يعتبر درساً وتاريخًا للأمة، ولتربية النفس وإدارة المجتمع وللتقرّب إلى الله.
هناك درس رئيسي في هذا التحرك وهو لماذا ثار الحسين (عليه السلام)؟
لماذا ثار الحسين رغم كونه شخصيّة لها احترامها في المدينة ومكّة، وله شيعته في اليمن؟
لماذا لم يذهب إلى مكان لا عليه بيزيد ولا ليزيد عليه شيء، يعيش ويعبد الله ويبلّغ؟
قال البعض: إنّ هدف ثورة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) هو إسقاط حكومة يزيد الفاسدة وإقامة حكومة بديلة. 
وقال آخرون: إنّ الحسين كان يعلم بعدم تمكّنه من إقامة الحكومة، إنّه جاء لأجل أن يقتل ويستشهد أي لأنّه رأى أنّه لا يمكنه عمل شيء بالبقاء، فقال يجب أن أعمل شيئاً بالشهادة.
لا يمكننا القول: إنّ الحسين (عليه السلام) ثار لأجل إقامة الحكومة، ولا أن نقول: إنّه ثار لأجل أن يستشهد. وإنّ القائلين بأنّ الهدف هو الحكومة أو الهدف هو الشهادة قد خلطوا بين الهدف والنتيجة. 
بل كان للإمام الحسين (عليه السلام) هدف آخر، كان الوصول إليه يتطلّب طريقاً وحركة تنتهي بإحدى النتيجتين:

 الحكومة أو الشهادة، وكان الإمام مستعدًّا لكلتا النتيجتين، فقد أعدّ مقدّمات الحكم وكذا مقدّمات الشهادة، فإذا تحقّق أيّ منهما، كان صحيحاً، لكن لم يكن أيّ منهما هدفاً، بل كانا نتيجتين.

إذن ما هو الهدف؟ 
لو أردنا بيان هدف الإمام الحسين (عليه السلام)، فينبغي أن نقول هكذا: إنّ هدف ذلك العظيم كان أداء واجب عظيم من واجبات الدين لم يؤدّه أحد قبله، لا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، واجب يحتلّ مكاناً مهمّاً في البناء العام للنظام الفكري والقيمي والعملي للإسلام. 

رغم أنّ هذا الواجب مهمّ وأساسي، لكنّه لماذا لم يُقَمْ بهذا الواجب حتّى عهد الإمام الحسين (عليه السلام)؟ 

كان ينبغي على الإمام الحسين (عليه السلام) القيام بهذا الواجب ليكون درساً على مرّ التاريخ، مثلما أنّ تأسيس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحكومة الإسلاميّة أصبح درساً على مرّ تاريخ الإسلام، ومثلما أصبح جهاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في سبيل الله درساً على مرّ تاريخ المسلمين وتاريخ البشريّة إلى الأبد. فكان ينبغي أن يُودّي الإمام الحسين (عليه السلام) هذا الواجب ليصبح درساً عمليّاً للمسلمين على مرّ التاريخ.

لماذا قام الإمام الحسين (عليه السلام) بهذا الواجب؟ 

لأنّ أرضية هذا العمل قد مُهِّدت في زمن الإمام الحسين (عليه السلام)، فلو لم تمهّد هذه الأرضيّة في زمن الإمام الحسين (عليه السلام)، كأن مُهّدت وعلى سبيل المثال  في زمن الإمام علي الهادي (عليه السلام) لقام الإمام علي الهادي (عليه السلام) بهذا الواجب، لصار هو ذبيح الإسلام العظيم، ولو اتّفق ذلك في زمن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) لقام به، أو اتّفق في عصر الإمام الصادق (عليه السلام) لقام به الإمام الصادق (عليه السلام)، لكنّ لم يتّفق ذلك في زمن الأئمّة حتّى عصر الغيبة إلاّ في عصر الإمام الحسين (عليه السلام).

إذن كان الهدف أداء هذا الواجب، فعندها تكون نتيجة أداء الواجب أحد الأمرين إمّا الوصول إلى الحكم والسلطة وكان الإمام الحسين (عليه السلام) مستعدّاً لذلك؛ ليعود المجتمع كما كان عليه في عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام)، أو يصل إلى الشهادة وكان الإمام الحسين مستعدّاً لها أيضاً.

الامام السيد علي الخامنئي حفظه الله 

يتبع..


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد