www.tasneem-lb.net

عاشوراء

عاشوراء - العشق الحسيني |7|

العشق الحسيني
|7|

فلسفة الحب في مدرسة الإمام الحسين عليه السلام

 وتعود عاشوراء مثقلة بكل جراحات التاريخ وآلامه وسهامه ومواجعه، وتعود عاشوراء مضمخة بالأحمر القاني معلنة بكل وضوح: "إني لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برماً".

وتعود عاشوراء مفعمة بكل معاني العزة والإباء ويعود النداء الحسيني الخالد: "هيهات منا الذلة"

وتعود عاشوراء ويعود معها الشوق والحنين، والدمع والأنين، وتعود عاشوراء ونستعيد معها صبر زينب وعزيمة الحسين، وإيثار أبي الفضل العباس وشجاعة عليّ الأكبر وتضحية كل تلك الصفوة الطاهرة من أصحاب الحسين، هكذا عرفنا عاشوراء، وهكذا ينبغي أن تكون وتستمر.

إنما هي مدرسة نتعلم منها كل المعاني السامية وعلى رأسها قيمة الحب الإنساني والعشق الإلهي.
 
إن أروع ما في عاشوراء هو مشاهد العشق والحب لله وفي الله والتي نراها في معسكر الإمام الحسين عليه السلام حيث يغدو الموت في سبيل الله سعادة.

وهكذا نجد أنّ رسول الله الحبيب المصطفى قد نصّ على أهمية محبته وأنّ بها قوام الإيمان، فقال صلى الله عليه واله: "حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا "كيف لا، والحسين شهيد الحب الإلهي. 

وعندما نطل على حب الحسين عليه السلام لله تعالى والذي تجلى في كل حياة أبي عبد الله الحسين ولا سيما في عاشوراء فسنرى أننا أمام ظاهرة منقطعة النظير في الفناء بالله تعالى.

عندما يسقط أصحاب الحسين وأبناؤه صرعى على رمضاء كربلاء، يخرج الحسين عليه السلام إلى جيش عمر بن سعد طالباً منهم أن يسقوا الطفل الرضيع، لأنّ العطش أخذ منه مأخذاً عظيماً، وكان ما كان، أن يرميه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم ويذبحه من الوريد إلى الوريد وهو في حجر والده،

فماذا يكون موقف الحسين عليه السلام بعد أن يَرمي دمَ رضيعه نحو السماء؟ 
هل يبكي أو يشكو أو يجزع أو يتراجع؟ 
كلا، بل إنه يتوجه إلى الله ليخاطبه بكلمات العشق التالية: "هوّن علي ما نزل بي أنه بعين الله".
ما أصعبه من موقف! أن يذبح رضيعك في حجرك! ولكن ما أعظمه من يقين!

ولمّا كثرت الجراحات في جسد الإمام الحسين عليه السلام كان يقول: "إلهي إن كان هذا يرضيك فخذ مني حتى ترضى".
 
وفي اليوم التاسع وقبيل ساعات من المعركة، "إما السلة، وإما الذلة" طلب الإمام الحسين  من أخيه العباس أن يتفاوض مع عمر بن سعد ليؤخرهم إلى غد، ويتركهم هذه العشية:
- لماذا؟ 
-هل ليودعوا العيال؟
-أو ليفكروا بطريق لأجل الهرب؟

كلا لا هذا ولا ذاك فالإمام لم يذهله تكاثر الهموم عن عشق الله والصلاة بين يديه.
فقال عليه السلام: "لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره فهو يعلم أني قد كنت أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار.

وإننا لا ندري أي صلاة صلاها الحسين تلك الليلة؟ وفي أية حالة من حالات الانقطاع إلى الله كانت صلاته؟؟ فعلاً لا ندري، لأن هذا المقام المعنوي لا يفقهه إلا من ذاق حلاوته، ولكن ما نستطيع أن نجزم به أن صلاته كانت صلاة المحبين العاشقين الوالهين. 

ظهيرة العاشر من محرم، والسهام تنهمر عليه كالمطر حتى استشهد بعض أصحابه ممن وقف أمامه ليحميه من السهام ليتمكن عليه السلام من الصلاة جماعة بمن تبقى من أصحابه.

إنّ إصرار الحسين عليه السلام على إقامة الصلاة وهو في وسط القتلى والأشلاء، يذكرنا بموقف أبيه علي في ليلة الهرير في صفين، فقد كان - والسهام تتساقط عليه والسيوف والألسنة تتشابك من حوله - ينظر إلى السماء مراقباً وقت الصلاة، فقال له ابن عباس: "يا أمير المؤمنين ما هذا الفعل؟ قال: أنظر إلى الزوال حتى نصلي، فقال له ابن عباس: إنا عندنا لشغلاً بالقتال عن الصلاة، فقال عليه السلام: على ما نقاتلهم؟ إنما نقاتلهم على الصلاة".
اي عشق لله! وأي فناء في الله! وأي حب! 
السلام على حبيب الله وحبيب رسوله 
يتبع..


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد