www.tasneem-lb.net

عاشوراء

عاشوراء - الأربعينية الزينبيّة |5|

الأربعينية الزينبيّة
|5|

لقد كانت العقيلة زينب (سلام الله عليها) صريحة برسالتها، وضعت أيدي المتلقين للرسالة الإعلامية على جوهر المسألة بصورة مباشرة، فجاء أوّل خطابها ليزيد بشكل هجمات متلاحقة لا هوادة فيها، متضمّناً الاستخفاف بسلطان يزيد الكافر، والاستهزاء بجبروته، والتذكير بعظمة الله، ثمّ ذكّرت يزيد بذنبه العظيم، واستعملت أُسلوب البلاغة مع ما تضمنه بقوة المحتوى والمضمون.. أسلوب الاستشهاد بمضامين القرآن عبر الاستناد إلى الألفاظ القرآنية، وهو أُسلوب مفاده المبالغة في التوعّد والتخويف.
 كما يظهر أُسلوب المكاشفة وتقديم الحقائق في قولها (سلام الله عليها) "لقد خاب السعي... وضُربت عليكم الذلّة والمسكنة"..
فوقفت متسلّحة بسلاح الإيمان، متجلببة بجلباب الصبر والتوكل على الله المتعال؛ لتواجه رأس الطغيان في عقر داره، غير عابئة بسلطانه، ولا آبهة لسطوته وطغيانه، فشرعت في فضيحته، وأماطت لثام النفاق عن وجوه الأُمويين، وفضحت وجه الكفر الحقيقي الذي كان يختلج في صدورهم.
والنكتة المهمّة في الأمر استخدامها (سلام الله عليها) أُسلوب الدعاء ـ وهو سلاح المؤمن والرابط الأقوى بين العبد وربّه ـ مذكرةً بقوله تعالى: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ)، للتمهيد لما يأتي من وعيد ليزيد بأنّ الله منتقم لآل بيت رسوله لا محال.
ونحن في هذه الأربعينية المميّزة باسم زينب (سلام الله عليها).
نحاول أن نتمثّل ونقتدي بها في المداومة على قراءة القرآن الكريم بفهم وتدبر وفي التمسك بأدعية رسولنا الأكرم وأهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين) وخاصة الأدعية الواردة في (الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين عليه السلام).
فالقرآن الكريم -كما هو معلوم- عبارة عن حديث رب العالمين مع الإنسان، بينما الصلاة والدعاء 
عبارة عن حديث العبد مع رب العالمين.. فكم من الجميل أن يصل الإنسان إلى درجة المعرفة الباطنية لكتاب الله عزّ وجل!
 وكم من الجميل أن يصل الإنسان إلى درجة أنه يتجلّى له ربّ العالمين كلما يقرأ القرآن الكريم؛ فيشعر وكأنه المخاطب في الخطاب الإلهي، ويفهم كل معانيه، ويأخذ بكل ما فيه من الخزائن.
وهذا التجلي هو للخواص من عباده، الذين عندما يقرؤون القرآن بتدبر؛ يعيشون وجود الله عز وجل بكل وجودهم!
وأما الدعاء عن أمير المؤمنين- عليه السلام : (الدعاء مفاتيح النجاح، ومقاليد الفلاح).
وخير الدعاء ما صدر عن صدر نقي وقلب تقي، وفي المناجاة سبب النجاة، وبالإخلاص يكون الخلاص، فإذا اشتد الفزع فإلى الله المفزع.
يتبع..


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد