www.tasneem-lb.net

عقيدة

عقيدة - النموذج الأسمى |7|

الإنسان الأسمى 
الكمال في الإحساس بالألم
|7|

كلما ازداد ألم الإنسان إزداد تيقظاً ومعرفة بالآخرين ومن يضعف إحساسه بالألم يضعف شعوره ويقلّ إدراكه. 
كما قال المتنبي:
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ
ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ 

كيف يصل الإنسان إلى الكمال عبر الألم؟
الإنسان الذي يصل إلى مقام الإنسانية ويدرك قيمة الشعور والإدراك ويفهم معنى التألم لا يمكنه أن يتمنى الجنون وفقدان التعقل.

ولكن أي ألم؟ 
ألم الغربة والبحث عن الله تعالى، حين يدرك أن كل شيء في دنياه فانٍ ولا يصح أن يتعلق الإنسان بما هو زائل، إذا كان فيه تطلع خالد يؤرقه فهو يبحث عن الله ليبثه أحزانه ويناجيه ويقترب منه، وهذا الألم لله يعتبر قيمة القيم، التألم من أجل العودة إلى الله والرجوع إليه، وإذا لم يصل الإنسان إلى حيث الله فلن تفارقه حالة الاضطراب والتشوق (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد :٢٨. 

الألم اتجاه خلق الله 
أي (أن يتألم الإنسان للآخرين وأن يحمل همومهم، لذا كان الشعور بالمسؤولية نحو الغير قيمة إنسانية عظيمة).
أما كيف تتحدد إنسانية الإنسان؟
يقول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): (من عرف نفسه فقد عرف ربه) وهذا يعني أن معرفة النفس الإنسانية هي التي تحدد إنسانية الإنسان. 
يقول تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) فصلت:٥٣.

كل البشر في أعماق فطرتهم يعشقون الكمال المطلق الذي هو الله تبارك وتعالى فليس في الدنيا كلها من أحبّ غير الله، إلاّ أن بعض الذين يكفرون بالله ولا يعترفون بالدين هم في أعماق فطرتهم يطلبون الكمال المطلق إنمّا قد أخطأوا الطريق إليه وأضاعوا المعشوق. 
ومن هنا كان دور الأنبياء الذين أتوا ليمنعوا الناس من الانحراف عن الطريق المستقيم، إذ أن إسم الله وعبادته موجودان أصلاً في فطرة الإنسان كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول) نهج البلاغة ج١ص٢٣.

فكل ما في الوجود هو وسيلة للوصول إلى الهدف وليس هو الهدف المرجو والكمال المطلوب.
يتبع..

الإنسان الكامل / الشهيد مطهري / بتصرف.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد