عقيدة - الشيعة والتشيّع |2|

ثقافتنا
الشيعة والتشيّع
|2|

الشّيعة لغوياً من شايع أي تبع، وبحسب ما ورد في معجمات الأقدمين وكتبهم "شيعة الرجل أتباعه وأنصاره" ، إلاّ أن البعض خرج عن هذا التمحيص اللغوي بنتيجة اعتبر فيها كلمة "الشيعة" تحمل معنى جَمع المتشابهين في الإتباع حصراً، دون الالتفات إلى ما بينهم من فروق، مما يكون بين كل الأفراد في الجماعة، دلالة على الطابع المزجي، مستنداً إلى أنّ مصطلح "الشّيعة" استخدم كمفهوم سياسي يدل على اتباع اتجاه أو حركة سياسية لفرد أو جماعة.

في البداية لم تحمل فكرة الشّيعة بعداً مذهبياً بل أخذت بعداً سياسياً عبّر عن رفضه لموقف سياسي حصل عشية وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد غلب هذا الإسم على كل من يتولى علياً وأهل بيته (عليهم السلام)، حتى صار لهم إسماً خاصاً. وسواء فسرت لفظة "شيعة" بالأتباع والأنصار أو بالمشايعة والمطاوعة أو الموالاة لآل البيت، فإن هذه اللفظة ظهرت في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت لقب لأربعة من الصحابة هم "أبو ذر الغفاري، المقداد بن الأسود، وعمار بن ياسر، وسلمان الفارسي إلى أن اشتهرت بين موالي الإمام علي (عليه السلام)، في واقعة "صفين". 

فمصطلح الشّيعة لم ينشأ بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بل كان يتم تداول استخدامه في حياته (صلى الله عليه وآله وسلم).

سأل أحدهم الإمام الحسن (عليه السلام) أنا من شيعتكم؟ فقال (عليه السلام): إن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غشِّ وغلٍّ ودغل، ولكن قل : إني من مواليكم." بحار الأنوار/ج٦٥.
   
أما فيما يعني التشيّع المذهبي فإننا ننتمي إلى نظرية تشير إلى أن المذهب الفقهي الوحيد الذي اعتمد في الإسلام فقهياً هو مذهب "أهل البيت" (عليهم السلام)، فقد عرف تاريخياً مدرستين مدرسة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للفقه ومدرسة الإمام علي (عليه السلام) ولا تناقض بينهما، وما تبعها من مدارس للأئمة ترتكز على الاجتهاد في الفقه، ولم يأت الاجتهاد على سبيل التفرقة المذهبية بل أتى على خلفية المدارس الفقهية، إلا أنه ومع العصر العباسي وسياسته بلزوم اعتماد مذهب للسلطة الحاكمة واستبعاد المذهب الشيعي وإخراجه عن الإجماع الإسلامي، بمعنى آخر أن التشيع الفقهي كان هو السائد حتى أواخر العهد العباسي.
 مقاربة اجتماعية سياسية من إعداد: د.ليلى صالح (علم اجتماع سياسي).