www.tasneem-lb.net

عاشوراء

عاشوراء - الإمام علي بن الحسين عليه السلام ما بين محرم وصفر ألم وحزن وتعب وتضحية |3|

شعائرنا
الإمام علي بن الحسين عليه السلام ما بين محرم وصفر ألم وحزن وتعب وتضحية
|3|

لم يَطُلِ الأمر بالإمام السجاد عليه السلام للقيام بتلك المهمة ومن موقع الأسر والتقييد بالأغلال في العنق واليدين، كانت خطبته وكلماته في الكوفة والشام، وكانت مواجهاته ومناظراته مع أمراء السوء قد صارت على كل شفة ولسان تنتقل من بيت إلى بيت، ومن بلدٍ إلى بلد، تخبر عن فظاعة الجريمة النكراء التي ارتكبها بنو أمية بحق أهل بيت النبي‏صلى الله عليه وآله وسلم.
أُخذ الإمام إلى الكوفة، وقد أنهتكه العلّة والأسقام، وقد وضعت الجامعة في عنقه، ويداه مغلولتان إليها 1.
هناك أراد ابن زياد قتله، ولمّا أمر بضرب عنقه، تعلّقت به عمّته زينب بنت عليّ، وقالت له: يا بن زياد! إنّك لم تبق منّا أحداً، فإن كنت عزمت على قتله فاقتلني معه، فقال عليّ بن الحسين لعمّته: "اسكتي حتّى أكلّمه! " ثمّ أقبل عليّ عليه السلام على ابن زياد، فقال: "أبالقتل تهدّدني؟ أما علمت أنّ القتل لنا عادة، وكرامتنا الشهادة!" قال: فسكت ابن زياد، ثمّ قال: أخرجوهم عنّي! ثمّ أمر بعليّ بن الحسين وأهل بيته، فحُملوا إلى بيت في جنب المسجد الأعظم 2.
وبقي موكب السبايا أيّاماً في الكوفة، مكّن الله تعالى خلالها الإمام زين العابدين أن يذهب إلى كربلاء، ليواري جسد أبيه الإمام الحسين عليه السلام، ويقوم بدفنه 3.
ثمّ أمر بهم عبيد الله بن زياد، فأرسلهم إلى الشام، ولدى وصولهم إلى الشام، جاء شيخ ودنا من نساء الحسين عليه السلام وعياله، فقال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم، وأراح البلاد من رجالكم، وأمكن أمير المؤمنين منكم.
فقال له عليّ بن الحسين عليه السلام : "يا شيخ، هل قرأت القرآن؟" قال: نعم، قال: "فهل عرفت هذه الآية": ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾4.
قال الشيخ: قد قرأت ذلك. فقال له عليّ عليه السلام : "نحن القربى، يا شيخ. فهل قرأت في بني إسرائيل": ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾5 فقال الشيخ: قد قرأت ذلك، فقال عليّ بن الحسين: "فنحن القربى، يا شيخ. فهل قرأت هذه الآية": ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾6، قال: نعم، فقال عليه السلام : "فنحن القربى، يا شيخ. وهل قرأت هذه الآية: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾7؟ قال الشيخ: قد قرأت ذلك، فقال عليه السلام : "نحن أهل البيت الذين خصّنا الله بآية الطهارة، يا شيخ".
قال الراوي: بقي الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلّم به، وقال: تالله إنّكم هم؟! فقال عليّ بن الحسين: "تالله إنّا لنحن هم من غير شكٍّ، وحقّ جدّنا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إنّا لنحن هم".
قال: فبكى الشيخ ورمى عمامته، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال: اللَّهم إنّا نبرأ إليك من عدوّ آل محمّد صلى الله عليه واله وسلم من الجنّ والإنس، ثمّ قال: هل لي من توبة؟ فقال له: "نعم إن تبت تاب الله عليك، وأنت معنا". فقال: أنا تائب. فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ، فأمر به فقُتل.
الجزء الرابع، يتبع..

هوامش:
1-الطوسيّ: الأماليّ ص 91.
2-الكوفيّ ابن أعثمّ: الفتوح ج 5 ص 123، ابن طاووس: الملهوف على قتلى الطفوف ص 202.
3- الطوسيّ: اختيار معرفة الرجال للكشّي ج 2 ص 764.
4- الشورى: 23.
5-الاسراء: 26
6- الأنفال: 41.
7- الأحزاب: 33.
شبكة المعارف الإسلامية الثقافية الإلكترونية (بتصرف)


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد