موقف تربوي - الحوار المثمر |1|
ديننا
الحوار المثمر
|1|
حوار بين الحواس الخمس وابتلاءاتها
(حوار بين الفم واليد)
- لفم: توقفي لا تسلمي على هذا الشخص، ألا تعرفين أنه لا يحل لك السلام عليه؟! فهو ليس من محارم هذا الجسد.
- اليد: أنا أعرف، ولكنني مضطرة على فعل ذلك. فذاك الشخص سيوظف هذا الجسد وقد مد يده ليسلم عليه، وإن رفضت السلام عليه سيعتبر هذا الفعل إهانة له وبالتالي سيرفض توظيف الجسد.
- الفم: وليكن.
- اليد: ألا تعرف كم يحتاج هذا الجسد إلى هذه الوظيفة؟
- الفم: إذًا تعصين الخالق لترضي المخلوق!؟
- اليد: لا تقلق سأتوب.
- الفم: أصبحت تستخفين بالذنب الآن!
- اليد: عجبًا لك يا فم توعظني وأنت ترتكب الذنوب يوميًا و بلا توقف!؟ فأنت إما أن تغتاب الناس بالرغم من معرفتك آثار هذا الفعل الشنيع من خلال ما أخبره رسول الله صلى الله عليه وآله بعد رحلة الإسراء والمعراج. فسأذكرك به، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «مررت ليلة أسري بي على قوم يخمشون وجوههم بأظفارهم، فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين يغتابون الناس ويقعون في أعراضهم.» ميزان الحكمة/ج3 .
وإما أن تتكلم بكلام كاذب أو سيء أو جارح، وإما أن تفتن وتفرق بين شخصين. والأدهى من ذلك كله أنك نمام ترمي العيب على البريء. وأمير المؤمنين عليه السلام يقول: "..وشراركم المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، المبتغون للبراء المعايب"، وسائل الشيعة/ج16.
- الفم: ولكنني أتوب إلى الله.
- اليد: تتوب وتعود فأي توبة هذه!؟ ماذا حصل لماذا سكتت؟! أليس هذا الفعل استخفاف بالتوبة؟ ثم إن غيبة الشخص تستوجب مسامحته لك، فطلب المسامحة منه حق عليك.
- الفم: لست أفضل مني فأنت تضربين الصغير والكبير.
- اليد: أرأيت كيف أنك ترمي العيب على البريء، فأنا لم أضرب أحدًا قط. فكيف أضرب الناس وأنا أعرف أثر كف الأذى على هذا الجسد؟ يقول الإمام الصادق عليه السلام: «من كف يده عن الناس فإنما يكف عنهم يدًا واحدةً ويكفون عنه أيادي كثيرة». الكافي/ج2.
- الفم: ماذا عن السرقة؟
- اليد: الويل لك، لقد كنت مضطرة على سرقة ذاك المبلغ البسيط. عائلة هذا الشخص كانوا بحاجة إلى طعام كي يعيشوا.
- الفم: أتعرفين أن ذنبك على هذا الفعل مضاعف؟ فذنب على السرقة، وذنب بسبب مشاركتك بإطعام عائلة هذا الجسد الأكل الحرام.
- اليد: لقد قلت لك أنني كنت مضطرة.
- الفم: على كل شيء تضطرين!؟ هل هذا مبرر لفعل الحرام؟ أم أنك حقًا تصدقين خديعة الشيطان؟ إستفيقي من وهم الإضطرار. فلم تكوني مضطرةً مطلقًا على السرقة، كان بإمكان هذا الجسد طلب يد العون من فاعلي الخير بدل السرقة. ولست الآن مضطرةً على السلام فبإمكان هذا الجسد أن... أتعرفين شيئًا إمتنعي عن السلام وأنا سأنطق وأقول أن الدين الإسلامي الصحيح يحرم السلام على الشخص الأجنبي كي يقي الجسد من الدخول إلى باب من الأبواب التي تؤدي إلى الزنا والعياذ بالله. وأنا متأكد أنه سيتفهم الموقف ولن يشعر مطلقًا بالإهانة بل سيحترم هذا الجسد أكثر فأكثر على التزامه بتعاليم دينه.
- اليد: لا أعرف كيف سأشكرك، فأنا ممتنة لك إذ أنك وعظتني كي لا أقع بالمعصية وجعلتني أتنبه من غفلتي.
- الفم: بل الشكر لك لأنك نبهتني على أن توبتي ناقصة، وعلي أن أتوب توبةً نصوح لا عودة للذنب بعدها أبدًا. كما وعليّ طلب المسامحة ممن اغتبته وجرحته بكلامي القاسي وممن كذبت عليهم وخدعتهم. فالويل لنا إن لم نصلح أنفسنا ونهذبها حتى يرضى الله عنا وعن هذا الجسد.
- اليد: اللهم وفقنا لتوبة لا نحتاج بعدها إلى توبة، والحمد لك إذ وفقتنا لخوض هذا الحوار المثمر.