مظاهر من شخصيّة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
|6|
الزّهد:
لقد اشتهر في عصره عليه السلام أنّه من أزهد الناس حتى أنّ الزهري حينما سُئل عن أزهد الناس قال: عليّ بن الحسين.
ورأى عليه السلام سائلاً يبكي فتألّم له وراح يقول: "لو أنّ الدنيا كانت في كفّ هذا ثمّ سقطت منه لما كان ينبغي له أن يبكي عليها".
وقال سعيد بن المسيب: كان عليّ بن الحسين عليه السلام يعظ الناس ويزهّدهم في الدنيا ويرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كلّ جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يقول: "أيّها الناس، اتّقوا الله واعلموا أنـّكم إليه تُرجعون... يا بن آدم، إنّ أجلك أسرع شيء إليك، قد أقبل نحوك حثيثاً يطلبك ويوشك أن يدركك، وكأن قد أوفيت أجلك وقبض الملك روحك وصرت إلى قبرك وحيداً، فردّ إليك فيه روحك، واقتحم عليك فيه ملكان ناكر ونكير لمساءلتك وشديد امتحانك... فاتّقوا الله عباد الله، واعلموا أنّ الله عزّ وجلّ لم يحبّ زهرة الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه، ولم يرغّبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها، وإنّما خلق الدنيا وأهلها ليبلوهم فيها أيّهم أحسن عملاً لآخرته، وأيم الله لقد ضرب لكم فيه الأمثال، وعرّف الآيات لقوم يعقلون، ولا قوة إلّا بالله، فازهدوا فيما زهّدكم الله عزّ وجلّ فيه من عاجل الحياة الدنيا... ولا تركنوا إلى زهرة الدنيا وما فيها ركونَ من اتّخذها دار قرار ومنزل استيطان..."
سلسلة أعلام الهداية-الإمام السجاد عليه السلام، ج6، ص27-41