السيدة فاطمة (ع) - أدوار السيدة الزهراء (عليها السلام) الرسالية |3|
أدوار السيدة الزهراء (عليها السلام) الرسالية
|3|
السيدة الزهراء (عليها السلام) الأم
"الجار قبل الدار "
نعود إلى شخصية الزهراء عليها السلام كيف ربّت أولادها؟
كيف قامت بالدور الرسالي الذي أُنيط بها في تربية أولادها؟
لم تربّ الزهراء أولادها على الأنانية، وحب المال، ولا على المعصية والتمرد ولا على احتقار الآخرين، إنما ربّتهم على قيم أصبح بها رموز التاريخ، أصبحوا بها أبطال التاريخ حسن وحسين وزينب سلام الله عليهم اجمعين رموزًا للقيم التي تربّوا عليها.
ربّتهم الزهراء عليها السلام على البذل، على العطاء، على التضحية، على الروح الغيرة، ما عرفوا الأنانية وما عرفوا أن يتقوقعوا حول ذواتهم أو يحوموا حول أنفسهم، ما عرفوه هو العطاء والبذل والغيرية والضمير الاجتماعي الحي، الآم الآخرين ومأساة الآخرين.
الحسن الزكي (عليه السلام) أول من عرف فاطمة (عليها السلام) من أبنائها، أول من عاش مع فاطمة وتنفس فاطمة، يقول (عليه السلام):"ما رأيت أمي فاطمة (عليها السلام)، قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أماه فاطمة لمَ لا تدعين إلى نفسكِ كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني! الجار ثم الدار" - بحار الأنوار/ج 43.
رُبّيَ الحسن على الإحساس بالغير قبل الإحساس بالنفس على الشعور بالغير قبل الشعور بالنفس، ربّت هؤلاء الأطفال على أن يتصدقوا بأقراصهم وهم صيام يحتاجون إليها حاجة ماسه قال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا/ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا﴾ سورة الإنسان.
يأتي المسكين، يأتي اليتيم، يأتي الأسير، يتسابق الأطفال قبل الأم والأب، يتسابق حسن وحسين وزينب عليهم السلام للتصدّق بأقراصهم على هؤلاء المحتاجين، لأنهم على تربّوا التضحية، تربّوا على العطاء منذُ أول يوم لذلك أصبحوا رموزا للتضحية. عاش الحسن مع امه فاطمة عليهما السلام خمس سنوات من حياته أو ست سنوات، لكنها انغرست في قلبه، تجذّرت في كيانه روح وشخصية فاطمة فكان دائماً يتمثل أمه فاطمة صلوات الله عليهم أجمعين .