السيدة فاطمة (ع) - قدوتنا
قدوتنا
فاطمة! كوثر البشارة! في إنّا أعطيناك الكوثر!
بعد أن توفي أبناء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مكة الواحد تلو الآخر، شَمت الشامتون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونعتوه بالأبتر، أي الّذي لا عقب له ولا ذرية، وأنّه إذا مات ستندثر بموته كل معالمه وآثاره.
فماذا حدث؟
أنزل الله تعالى عليه سورة الكوثر لسلوى قلبه ولإيضاح حقيقة كبرى له وللمسلمين، فقال سبحانه وتعالى {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}. (سورة الكوثر، الآية1) أي تلك الحقيقة العظيمة والكثيرة والمتزايدة.
ومصداق الكوثر بالنسبة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم يمثل أشياء كثيرة ومختلفة. وأحد أبرز المصاديق هو الوجود المقدس لفاطمة الزهراء عليها السلام التي جعلها الله خلقاً مادياً ومعنوياً للرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
إنّ هذا الخير الكثير الّذي أعطاه الله تعالى في سورة الكوثر المباركة كبشارة للنبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وقال {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، (سورة الكوثر، الآية1) حيث إنّ تأويله هو فاطمة الزهراء عليها السلام، في الحقيقة هو مجمع جميع الخيرات الّذي سوف ينزل يوماً بعد يوم من منبع الدين النبويّ على كلّ البشرية والخلائق. لقد سعى الكثيرون من أجل إخفائه وإنكاره ولكنّهم لم يتمكّنوا {وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}. (سورة الصف، الآية8).
هل اندثر اسم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد بقاء ابنته (الأنثى) الوحيدة على قيد الحياة؟
خلافاً لأوهام الأعداء الشامتين أصبحت هذه الابنة المباركة والوجود السخي سبباً لتخليد اسم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وذكره ونهجه ومعارفه بشكل لم يشهد له نظير. فمن ذريتها أحد عشر إماماً وكوكباً مشرقاً شعّوا بالمعارف الإسلامية على قلوب أبناء البشرية، وأحيوا الإسلام، فبيّنوا القرآن، ونشروا المعارف الإلهية، وأزالوا التحريف عنها، وأغلقوا سبل استغلالها.
ماذا علينا أن نفعل نحن كمسلمون موالون لتخليد اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليهم السلام؟
يجب علينا كما يقول نائب ولي العصر سماحة السيد القائد علي الخامنئي دام ظله: أن نقرّب أنفسنا إلى مركز النّور هذا، وإنّ لازم وخاصية هذا التقرّب هو التنوّر. يجب علينا أن نصبح نورانيّين من خلال العمل، لا بواسطة المحبّة الفارغة، العمل الّذي تمليه علينا هذه المحبّة وتلك الولاية وذاك الإيمان ويطلبه منّا، بهذا العمل يجب أن نصبح من هذه العترة والمتعلّقين بها. ليس من السهل أبدًا أن يصير المرء قنبرًا في بيت عليّ عليه السلام، ليس من السهل أن يصبح الإنسان "سلمان منّا أهل البيت". (الكافي، ج2، ص254).
نحن مجتمع الموالين وشيعة أهل البيت عليهم السلام نتوقّع من هؤلاء العظماء أن يعتبروننا منهم ومن حاشيتهم "فلانٌ من ساكني تربة عتباتنا"، قلوبنا تريد أن يحكم علينا أهل البيت عليهم السلام بهذه الطريقة وليس هذا الأمر سهلاً، ولا يحصل بمجرّد الادّعاء. إنّ هذا يستلزم العمل والإيثار والتشبّه والتخلّق بأخلاقهم عليهم صلوات الله وبركاته أجمعين.
(كتاب إنسان بعمر 250 سنة/ بتصرف).