السيدة فاطمة (ع) - فاطمة الحوراء الإنسية |1| الجزء الثاني
فاطمة الحوراء الإنسية
|1|
الجزء الثاني
ظلم فاطمة (عليها السلام): غاية القبح والبشاعة
ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرائيل (عليه السلام) فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته، فتحول ذلك نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة عليها السلام، ففاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة - بحار الأنوار/ج43.
ورد في زيارة السيدة الزهراء(عليها السلام): السلام عليكِ أيتها الحوراء الإنسية
وهي من جهة أخرى (إنسية) لكونها طريقاً لهداية البشر وفتح أبواب الرحمة والبركة والشفاعة والرضا والعبودية لله تعالى فكان لا بد من أن يتحول تكوينها (الحوري) في مرحلة نازلة إلى تكوين ( إنسي) لتقوم بمهمة الهداية .
ونحن كما نحتاج في عالم الشهادة إلى أسباب ومفاتيح لكل أمورنا، فنحن نحتاج إلى مفاتيح للولوج إلى عالم الغيب.
والتركيز على (حورية) الزهراء عليها السلام ثم (إنسيتها) في مرتبة ثانية غايته أن نلتفت إلى ما نعرفه عن حياة السيدة الزهراء (عليها السلام) وما نقرؤه من سيرتها (عليها السلام) يجب أن نربطه ببعدها الغيبي الأصيل.
وهذا لا يعني أن سيرتها (عليها السلام) مجموعة طلاسم لا تُفهم ولا تصلح للتأسي، فهي عليها السلام إنسية بنفس درجة حوريتها أي أن فيها خصائص البشر فهي تتألم وترضى وتغضب وتحب وتحنو على أبنائها، وتجتهد في أداء وظائفها الأسريّة والاجتماعية والسياسية .
بل إن إنسيّتها أكثر عمقاً، فألمها لما يجري على أبنائها مثلاً أشدّ من ألم أي إنسان آخر على أبنائه.
فالزهراء عليها السلام في بعدها البشري كاملة الأمومة والبنوّة والزوجيّة، ولكننا نحتاج إلى قراءة بعدها البشري ممزوجاّ بحوريتها ليظهر لنا العمق والبعد الإلهي فيه.
فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سيد البشر أجمعين كان يشم في بدن الزهراء (عليها السلام) رائحة الجنة فذلك الموجود الحوري لم يفقد رائحة الجنة رغم تنزله في شكل وجود بشري ، فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا اشتاق إلى الجنة بكل طهرها ومعانيها شم بدن فاطمة سلام الله عليها.
ومن هنا كان ظلم السيدة الزهراء (عليها السلام) على درجة من البشاعة تتناسب مع درجة القدسيّة التي تحملها عليها السلام.
إذ يقال قبح الظلم ذاتي ولكن تتفاوت درجاته بحسب درجات وجود المظلوم فإذا أعطي متفوق درجة أقل من استحقاقه فهذا عند العقلاء أقبح من ضربه لأنه ظلم في خصوصياته التي تميّزه عن غيره .
الزهراء (عليها السلام) موجود أحاطه الله تعالى بأعظم البشر على وجه الأرض فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أباها، وعلي (عليه السلام) زوجها، والحسنان عليهما السلام ولديها، وكان هذا عن استحقاق وتقدير إلهي حكيم، فيه إشعار يعظم درجاتها (عليها السلام)
ومن هنا فإن ظلمها مع كل هذه الخصوصيات هو غاية القبح والبشاعة.