السيدة فاطمة (ع) - المشكاة هو فاطمة |1|
ديننا
المشكاة هو فاطمة
|1|
﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ النور/35.
وصف الله تعالى ذاته في هذه الآية بالنّور لأن:
1 . النّور لا ظُلمة فيه، والظلمة تمثّل العدم والنقص، والله تعالى وجود كامل مطلق في كماله لا نقص فيه.
2 . النّور ظاهر بنفسه مُظهِر لغيره، فهو الدالّ على الغير، وليس الغير دالًا عليه، وهو ما عبّر عنه الإمام الحسين (عليه السلام) في دعاء عرفة: "كيف يُستَدَّل عَلَيك بما هُو في وجوده مفتقرٌ إليك؟ أَيَكون لِغَيرك مِن الظّهور ما ليس لك، حتى يكون هو المُظهِر لك؟ متى غِبتَ حتّى تحتاج إلى دليلٍ يدلّ عليك؟ ومتى بَعُدت حتّى تكون الآثار هي التي توصل إليك، عَمِيَت عينٌ لا تراك، ولا تزال عليها رقيباً، وخَسِرت صفقةُ عبدٍ لم تجعل له من حبّك نصيباً.
3 . النّور هو الهادي عند ضلالة الطّريق كنور النّجوم، والله عزّ وجلّ هو هادي الإنسان كي لا يضلّ عن طريق الكمال.
4 . النّور هو المؤنس كاستئناس الإنسان بنور القمر، والله تعالى هو أنيس المؤمنين الذين يعيشون الوحشة في ظلمات الدنيا، وبتعبير أمير المؤمنين (عليه السلام) في دعاء كميل :"يا نُور المُستوحشين في الظُّلم"
ولأنّ الله تعالى كمالٌ مطلق يفيض كماله في عالم الإمكان، فهو نور ينبعث منه نور، فهو النّور، ومنه النّور، وكما ورد عن السيّدة الزهراء (عليها السلام) في الدّعاء الذي علّمته لسلمان الفارسيّ (رضي الله عنه): "باسم الله النّور، باسم الله نور النّور، باسم الله نور على نور، باسم الله الذي هو مدبّر الأمور، باسم الله خالق النّور من النّور..".
لذا انتقل الله تعالى من وصف ذاته بالنّور إلى حديثه عن نوره المنبثق منه، وهو الحامل لكمالات إلهيّة فقال " مَثَلُ نُورِهِ "، أي مثل نور الله وليس مثل الله. إنّه حديثٌ عن النّور الممكن المنبثق من النّور الواجب، عن النّور المخلوق المنبعث من النّور الخالق.
إنّ هذه الآية تريد أن تقرّب لنا نوراً كماليّاً خلقه الله تعالى، وأمدّه من كمالاته، فأراد أن يقرّب لنا هذا النّور الممكن المخلوق الممتلئ نوراً من الله عزّ وجلّ، وهو نورٌ لا يمكن للآخرين مهما فعلوا أن يُطفئوه؛ لأنّه منبعثٌ من نور الله سبحانه، ولأنّ تمامه من فيض الله، فهو، كما قال الله عزّ وجلّ: ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِه﴾ - الصف/8.
يتبع..