مركز النور
روافد العظمة الفاطمية |2|
مركز النور
إن فيوضات السيدة الزهراء عليها السلام لا تنحصر بمجموعة صغيرة تُحسب كمجموعة محدودة في مقابل مجموعة الإنسانية.
فلو نظرنا نظرة واقعية ومنطقية نجد أنّ كل البشرية مرهونة لفاطمة الزهراءعليها السلام..
وليس هذا جزافًا، بل إنّها حقيقة.. كما أنّ البشرية مرهونة للإسلام والقرآن ولتعاليم الأنبياء عليهم السلام والنبيّ الخاتم صلوات الله عليه وآله.
وقد كان هذا الأمر دومًا على مرّ التاريخ وهو اليوم كذلك..
نعم.. وسوف يزداد تألق الإسلام بنور فاطمة الزهراء.. وسوف تتلمّس البشرية ذلك...
فما لدينا من تكليف ووظيفة في هذا المجال، هو أن نجعل أنفسنا لائقين للإنتساب إلى هذه العترة الطاهرة (بفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها)..
وأن نكون من جملة التابعين لهم والمعروفين بولايتهم أمر صعب!..حيث نقرأ في الزيارة أننا "معروفين بمحبتكم"، وهذا ما يلقي على كاهلنا تكليفًا مضاعفًا....
فيجب علينا أن نقرّب أنفسنا إلى مركز النّور هذا، وإنّ لازم وخاصية هذا التقرّب هو (التنوّر)،
فيجب علينا أن نصبح نورانيّين من خلال العمل، لا بواسطة المحبّة الفارغة، وإنّما بالعمل الّذي تمليه علينا هذه المحبّة وتلك الولاية وذاك الإيمان وما يطلبه منّا..
فبهذا العمل يجب أن نصبح من هذه العترة والمتعلّقين بها.
فلننظر إلى هذه السيدة الجليلة في أي سن حازت على هذه الفضائل، في أي عمر برزت فيها كلّ هذه التألقات، في عمر قصير لم يتجاوز ١٨ سنة؟ ٢٠سنة؟ ٢٥ سنة؟ أياً كان العمر بحسب اختلاف الروايات، إنّها المرأة التي بلغت في عمرها القصير مراتب معنوية وعلمية توازي مراتب الأنبياء والأولياء.
كلّ هذه الفضائل لا تحصل عبثًا، "امتنحك الله الذي خلقك، فوجدك لما امتحنك صابرة".
فإن الله تعالى قد امتحن زهراء الطهر، وهي المصطفاة من عباده.. لأن النظام الإلهي هو نظام يعتمد على الحساب والكتاب، وما يمنحنا إيّاه إنّما يكون محسوبًا بدقّة. إنّه يعدّ كل هذا الإيثار والمعرفة والتضحية الخّاصة في سبيل الأهداف الإلهية، فلذلك جعلها مركز فيوضاته!..
من أقوال الإمام الخامنئي (دام ظله):
"...ولو أخذتم جميع القيود التي يمكن أن تحيط بالمرأة ـ خاصّة في الفترة التي عاشتها مع أبيها بقيود ومقاطعة قريش حيث كانت القيود أكثر - فعند ذلك ترون العظمة التي أثبتتها هذه السيدة المكرّمة في تلك الظروف وخلال هذا العمر القصير، وبالطبع إنّني لا أتمكّن أن أتكلّم عن الجوانب المعنوية والروحية والإلهية لتلك السيدّة الكريمة، فأنا أصغر من أن أُدرك تلك الأُمور، وحتّى لو استطاع شخص إدراك ذلك فإنّه لا يستطيع وصفها وبيانها كما هو حقّها، فتلك الجوانب المعنوية هي عالم آخر».