روافد العظمة الفاطمية - الحب الإلهي
روافد العظمة الفاطمية
الحب الإلهي
ليس هنالكَ موجود على وجه الأرض، أحب علياً كفاطمة، عليٌ-عليه السلام- إمام زمانها، وزوجها، ووالد أولادها، نحنُ علاقتنا بعليٍّ -عليهالسلام- علاقة الاقتداء، والإمامة، أما فاطمة -عليها السلام- فهنالكَ أكثر منعلاقة، تربطها بعليٍّ -عليه السلام- ولكن هل هذا شغلها عن الحب الإلهي؟ أبداً! الحب الإلهي كانَ متغلغلاً في قلب فاطمة، ويتجلى هذا الحب عندما تدخلالجنة، وتقول: (يا رب، أنتَ المنى، وفوق المنى)!، جمعت بينَ حب اللهِ -عزَ وجل-وحب علي؛ ولكن في أكثر من طابق، فالمؤمن يجعل للحب طوابق:
الطابق الأول: حب الأهلِ والأولاد، هذا لا يتعدى للطابقالثاني.
الطابق الثاني: حب أولياء الله -عزَ وجل- من النبي، وآلهِ،والمؤمنين.
والطابق الثالث: هو الحب الإلهي؛ هذا طابق مستقل.
ولكل طابق غرفهُ، وأدوارهُ، وأثاثهُ.. فهل الإنسان يحباللهَ -عزَ وجل- كما يحب النبي؟
نحب النبي لأنهُ عبدٌ للهِ -عزَ وجل-، ونحب الزوجة لأنهامؤمنة.
ولهذا يقول دعبل في قصيدته: أحب قصي الدار من أجل حبهم وأهجر فيكم أُسرتي وبناتي
فإذن، إن حب أفراد العائلة مرتبطٌ بالثاني: بحب النبيوآله.. وحب النبي وآله، مرتبطٌ بالحب الإلهي.
نعم هو الحب الإلهي
أما ثمرة هذهِ المحبة الإلهية، يحدثنا عنها الإمام الصادق -عليه السلام-: (إنّ أوليالألباب الذين عملوا بالفكرة، حتى ورثوا منه حبّ الله: فإنّ حبّ الله إذا ورثهالقلب واستضاء به؛ أسرع إليه اللطف، فإذا نزل اللطف؛ صار من أهل الفوائد.. فإذاصار من أهل الفوائد؛ تكلم بالحكمة، وإذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة، فإذا نزلمنزلة الفطنة؛ عمل في القدرة، فإذا عمل في القدرة؛ عرف الأطباق السبعة، فإذا بلغهذه المنزلة؛ صار يتقلّب في فكره بلطفٍ وحكمةٍ وبيان، فإذا بلغ هذه المنزلة؛ جعلشهوته ومحبته في خالقه، فإذا فعل ذلك؛ نزل المنزلة الكبرى: فعاين ربه في قلبه،وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء، وورث العلم بغير ما ورثه العلماء، وورث الصدقبغير ما ورثه الصدّيقون، إنّ الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت، وإنّ العلماء ورثواالعلم بالطلب، وإنّ الصدّيقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة، فمن أخذه بهذهالمسيرة: إما أن يسفل، وإما أن يرفع.. وأكثرهم الذي يسفل ولا يرفع، إذا لم يرع حقالله، ولم يعمل بما أمر به، فهذه صفة من لم يعرف الله حق معرفته، ولم يحبه حقمحبته، فلا يغرّنك صلاتهم وصيامهم ورواياتهم وعلومهم؛ فإنهم حمر مستنفرة)! ((بحارالأنوار: ج 36 -ص403))
فإذن، عندما يبلغ الإنسان منزلة الحُب الإلهي، فإنه يُعطىمنَ العلم ما لم يصل إليهِ العُلماء، يقول تعالى: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَفَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}. سورة البقرة/ آية 269