محمد حبيب الله - قدوة البشرية
قدوة البشرية
النبي محمد صلى الله عليه وآله قدوة البشرية
قال الله تعالى: ﴿لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ (الأحزاب 21).
جعل الله تعالى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) قدوة وأسوة للبشرية كافة، وخصهم بالعصمة وجعل عملهم وأقوالهم ومواقفهم واجبة الاتباع على الناس، واعتبرهم الطريق إليه تعالى، فمن أراد الله يجب أن يبدأ بهم وفق هداهم ومنهجهم والاستنان بسنتهم.
وشكّل النبي (صلى الله عليه وآله) المثل الأعلى والنموذج الأسمى في سائر نواحي الكمال، فقد اصطفاه الله تعالى واختاره من العباد، وخصّه بأرفع الصفات والكمالات التي جعلها مع سائر الأنبياء (صلوات الله عليهم)، ووصفه القرآن الكريم بما لم يصف به أحد من الأنبياء بقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾(القلم 4).
وقد دعى الله تعالى البشرية إلى محبّته وطاعته وموالاته والاقتداء به والتعامل معه على قاعدة كونه الأسوة الحسنة، فشخصية النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) نالت القدر الأوفى من كلّ الشمائل الحسنة والخلال النبيلة، والقيم الإنسانية العليا، وكان صلوات الله عليه يفيض رحمة في خُلُقه وسلوكه وأدبه وشمائله، فقال تعالى فيه: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ (التوبة 128).
وتتجلّى عملية الاقتداء بالنبي (صلى الله عليه وآله) بأمور عديدة، منها:
أولاً: الاقتداء بسلوكه الشخصي:
فالسلوك الشخصي للنبي (صلى الله عليه وآله) لوحة ترتسم أمام ناظر المؤمن يقتبس منها كيفية السير في الحياة الدنيا، ومنهجاً يسلكه في حياته لتنعكس سلوكيات النبي (صلى الله عليه وآله) في سلوكياته الفردية.
فلقد كان (صلى الله عليه وآله) زاهداً في طعامه ولباسه ومسكنه، وقد عُرضت عليه الدنيا فرفضها.
وشكلت عبادته وخوفه من الله تعالى النموذج الأرقى والمثل الأعلى في الانقطاع إلى الله تعالى وعبادته حتى بلغ الحال به أن نظر إليه الباري عزّ وجلّ نظرة رحيمة عندما رآه يجهد نفسه في العبادة وأنزل الله سبحانه وتعالى: ﴿طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾(طه 2).
ثانياً: الاقتداء بسلوكه الاجتماعي:
وكان هذا السلوك هو من الجوانب المضيئة التي ينبغي علينا جميعاً الاستضاءة والاستفادة منها في ما تحمله من سموّ على مستوى العلاقات التي تحكم الإنسان بالآخرين.
فلقد كان النبي (صلى الله عليه وآله) ذاك الإنسان الذي يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق كأي واحد من أفراد البشر العاديين،وكان (صلى الله عليه وآله) حديثه وكلامه ومنطقه يوصف بأنه أحسن الحديث والمنطق، فلم يكن (صلى الله عليه وآله) سباباً ولا فحاشاً، وكان إذا حدّث بحديث، تبسّم في حديثه، وكان يكلّم الناس على قدر عقولهم.
وكان (صلى الله عليه وآله) مدرسة في الحلم والعفو والصفح، ومتواضعًا ينصرف إلى محدّثه بكلّه، وكان آخر من يسحب يده إذا صافح، وإذا أقبل جلس حيث ينتهي به المجلس، وكان يذهب إلى السوق ويحمل بضاعته بنفسه، وشارك أصحابه في جمع الحطب في أحد سفرائه. كما ساهم في بناء المسجد في المدينة، وعمل في حفر الخندق في غزوة الأحزاب.
هذه بعض خصال النبوة التي أراد لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نقتبس منها ونهتدي بها ونسير على هديها، فيكون النبي (صلى الله عليه وآله) القدوة والأسوة الحسنة وبذلك نحصل على المقامات العظيمة التي قدّمها الله تعالى لعباده الصالحين .