أميري علي ع - أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الاسم: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم.
الولادة وظروف النشأة: ولد الإمام علي عليه السلام في ظروف خاصة بأنبياء أولي العزم من الرسل، حيث سبقت ولادته، أعلام تناقلتها الألسن، وانتظروا قدومه، وذلك عندما شعرت فاطمة بنت أسد بقرب الولادة، وأمرت بالتوجّه نحو الكعبة المشرّفة، حيث كانت تطوف حولها، ليخفف سبحانه وتعالى عنها آلام الولادة، وكانت تلك عادة قريش والعرب، دخلت إلى البيت –الكعبة-، ولكن ليس من بابها، ليكون لهذا المولود شأن يعرف به، انشقّ الجدار ـ جدار الكعبة ـ لتدخل فاطمة وتضع طفلها، ويلتحم الحائط من جديد، لتخرج بعد ثلاثة أيام وعلى يديها مولود. لم تترك تساؤلات الناس تنتظر طويلاً، حتى بادرت بالإخبار عمّا حصل لها في داخل البيت.
وقد تم ذلك: في يوم الجمعة 13 رجب بعد ولادة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله بـ 28 سنة وقيل 27، وقيل 30 سنة، أي قبل البعثة بـ 13 سنة.
الأنوار تتحد: ثمّ انتقل الإمام علي عليه السلام إلى أحضان النبي صلى الله عليه وآله، ليشمله بعطفه ويرعاه بحنانه، حيث تعرّضت قريش لأزمة اقتصادية صعبة. فطلب النبي صلى الله عليه وآله من عمه العباس أن يخففوا عن كاهل سيد قريش وزعيمها.
جهاده عليه السلام وتضحياته: يعجز الإنسان عن وصف جهاده عليه السلام وتضحياته، حيث إنّه كان يعيش الإسلام بواقعه، ووجوده حتى بات يفتش بين المعارك والحروب، ليصنع منه النصر أو الشهادة، لذا فقد امتاز عن غيره من الصحابة، بأوسمة جعلته في مقام رفيع، ومكانة عالية منها الحديث المعبّر عنه بحديث الدار: "أنت أميري ووصييّ ووزيري وخليفتي ووارثي من بعدي".
وروي بالأحاديث الصحيحة بأن: "ضربة علي يوم الخندق تعادل عبادة الثقلين".
ومبيت علي عليه السلام على فراش النبي صلى الله عليه وآله دليل على شجاعته، حيث افتدى بنفسه في سبيل استمرار الرسالة.
خلافة أمير المؤمنين عليه السلام: بعد مقتل عثمان قام المسلمون باتجاه دار علي عليه السلام، يطالبونه بتولّي أمرهم، وقد عبّر عن ذلك بقوله: "فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إليّ، ينثالون عليّ من كل جانب، حتى وطئ الحسنان، وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم".
كان أمامه بعد طول غياب عن الخلافة مشوار طويل، واصلاحات كثيرة، إن على صعيد الحكم والإدارة أو على صعيد الثقافة والتعليم وتقويم الاعوجاج الذي تمّ خلال الفترة التي عاشتها الأمة زمن الخلفاء لأنّ الطبقيّة المتمثلة بالعنصريّة قد عادت من جديد، وفقد العدل، وأصبحت الأخلاق والفضائل والقيم الإسلاميّة والمبادئ غريبة، ولم يعد لها مكان بين الناس. من هنا يحتاج الإصلاح إلى عمل دؤوب وسهر طويل.
حروبه عليه السلام: قال عليه السلام: "فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون".
انشغل الإمام عليه السلام بحروبه الداخلية، التي كان وراءها معاوية، والمنافقون، وأصحاب النفوس الضعيفة من الصحابة، حيث قام بعضهم بالتآمر مع معاوية في حرب ذهب ضحيتها ما يقارب 30 ألف مسلم، وسمّيت بحرب الجمل.
ما كادت ترتاح الأمة من الجمل، حتى نشأت معركة صفين، وتلتها النهروان مع الخوارج، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله عليًا قبل وفاته بما سيجري عليه بقوله: ".. وتقاتل من بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين".
شهادة إمام المتقين عليه السلام: عاود أمير المؤمنين مناشدة العراقيين، ليهبّوا للدفاع عن بيوتهم، وأعراضهم، وحماية أراضيهم، حيث أرسل معاوية بسر بن أرطأة، للإغارة على الحدود العراقية الشامية، فكان يقتل الرجال، ويهتك أعراض المسلمين، وينهب الأموال ويحرق البيوت، ويهدم الدور، ويعيث في الأرض فساداً، إلا أنّ الشعب العراقي بقي يتحجج ببرد الشتاء وحر الصيف، إلى أنّ صمم عليه السلام على مقاتلة معاوية بالقلة الباقية من أهل بيته عليهم السلام، لكن حالت يد المنيّة دون تحقيق ذلك، حيث تمكّن عبد الرحمن بن ملجم المرادي من ضرب الإمام عليه السلام على رأسه حال السجود في صلاة الصبح.
وما أجمل ما نطق به: "فزت ورب الكعبة".
بقيت كلماته نوراً تضيء للثائرين الأحرار، ومشعلاً للسالكين درب الأسرار.
ظلّ عليه السلام يكابد آلام الجرح من يوم الضربة في التاسع عشر من شهر رمضان إلى الواحد والعشرين منه، حيث كان يوم استشهاده عليه السلام، فسلام عليه يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حيّاً.
السيرة المختصرة للنبي ص وأهل بيته المعصومين ع للشيخ إبراهيم السباعي، المركز الإسلامي للدراسات، ط1، 2003م، ص 29-36.