عقيدتنا
ولاية علي أمر إلهي
|2|
من النماذج الواردة في كتب وتفاسير الفريقين الدالة على أنَّ ولاية عليٍّ (عليه السلام) أمرٌ إلهي:
الأدلة من القرآن الكريم
الآية الأولى:
وهي التي تُسمى بآية التطهير، وهي قول الله عز وجل: ﴿... إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ (الأحزاب 33)، وتؤكد مصادر الحديث والتفسير (سُنة وشيعة) على أن هذه الآية قد نزلت في خمسة هم: النبي المصطفى محمد بن عبد الله (صلَّى الله عليه وآله)، الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، الإمام الحسن بن علي (عليه السلام)، الإمام الحسين بن علي (عليه السلام).
ولا بُدَّ هنا من الإشارة إلى نقاط ذات أهمية هي:
١. إن الآية تدلّ على عصمة أهل البيت (عليهم السلام) إذ المقصود من الرجس مطلق الذنوب والآثام والأدناس، كما أن المقصود من التطهير هو التنزيه من كل ألوان المعاصي والذنوب، والتزكية من جميع أنواع الأدناس والأقذار .
٢. إن إرادة التطهير في الآية تختص بأهل البيت (عليهم السلام) دون غيرهم وذلك لأن الآية صدّرت بأداة الحصر "إنما".
٣. إن تخصيص هؤلاء الخمسة دون غيرهم بهذه المكانة العالية الرفيعة ليس عفويًا، بل هو تعبير عن إعداد إلهي هادف لبيان الوجود الامتدادي في حركة الرسالة، وهذا الوجود لا يمثّله إلا أهل البيت (عليهم السلام) لامتلاكهم جميع الخصائص والكفاءات التي تؤهلهم لذلك.
الآية الثانية:
وهي الآية التي تُسمَّى بآية المباهلة، وهي قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ (آل عمران 61).
أما المعنى اللغوي للمباهلة فهي الملاعنة والدعاء على الطرف الآخر بالدمار والهلاك، وقوله عَزَّ وجَلَّ {نَبْتَهِلْ} أي نلتَعن.
وقد نزلت هذه الآية حسب تصريح المفسرين جميعًا في شأن قضية وقعت بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونصارى نجران.
أجمع علماء المسلمين من الفريقين في كتب التفسير والحديث على أن هذه الآية نزلت في خمسة هم: النبي الأكرم محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، الإمام الحسن بن علي (عليه السلام)، الإمام الحسين بن علي (عليه السلام).
وهنا تجدر الإشارة إلى نقاط ذات أهمية وهي:
١. إن تعيين شخصيات المباهلة ليس حالة عفوية مرتجلة، وإنما هو اختيار إلهي هادف ذو دلالة عميقة... وقد أجاب الرسول (صلى الله عليه وآله) حينما سئل عن هذا الاختيار بقوله: "لو علم الله تعالى أن في الأرض عبادا أكرم من علي وفاطمة والحسن والحسين لأمرني أن أباهل بهم، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء فغلبت بهم النصارى".
٢. إن ظاهرة الاقتران الدائم بين الرسول (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) تنطوي على مضمون رسالي كبير يحمل دلالات فكرية، روحية، سياسية مهمة، إذ المسألة ليست مسألة قرابة، بل هو إشعار رباني بنوع وحقيقة الوجود الامتدادي في حركة الرسالة، هذا الوجود الذي يمثله أهل البيت (عليهم السلام) بما حباهم الله تعالى من إمكانات تؤهلهم لذلك.
٣. لو حاولنا أن نستوعب مضمون المفردة القرآنية {أنفسنا} لاستطعنا أن ندرك قيمة هذا النص في سلسلة الأدلة المعتمدة لإثبات الإمامة، إذ أن هذه المفردة القرآنية تعتبر عليًا (عليه السلام) الشخصية الكاملة المشابهة في الكفاءات والصفات لشخصية الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) باستثناء النبوة التي تمنح النبي خصوصية لا يشاركه فيها أحد مهما كان موقعه ومنزلته.
٤. فالإمام علي (عليه السلام) انطلاقاً من هذه المشابهة الفكرية والروحية هو المؤهل الوحيد لتمثيل الرسول (صلى الله عليه وآله) في حياته وبعد مماته لما يملكه من هذه المصداقية الكاملة.
يتبع..
(بتصرف)