معالي الدعاء - المناجاة الشعبانية |2|
معالي الدعاء
المناجاة الشعبانية
|2|
الكمال المطلق
إلهي هب لي كمال الإنقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حُجُب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعزّ قدسك، إلهي واجعلني ممن ناديته سراً وعمل لك جهراً.
الإسلام جاء لينقذ الإنسان من هذه الضلالة التي يعيشها ومن هذه الحجب التي لديه، والحجب التي هي فوق كل الحجب كالأنانية، والعجب بالنفس، وداء العظمة، فما إن يحصل الإنسان على شيء حتى يعتريه الغرور ويرى نفسه أكبر من الآخرين.
الإسلام جاء ليقمع هذا الغرور، فما دام الإنسان مغتراً بنفسه فلا يمكنه أن يصل إلى سبيل الهداية، يجب أن يسحق هذا الغرور ويسحق شهواته وأهوائه النفسية.
إن الإنسان بفطرته يحب الكمال المطلق فهو يبحث في الكمالات الناقصة عن الكمال الذي ليس ناقصاً، فالفطرة تكره ذلك والحجب النورانية والمظلمة هي التي توقع الإنسان في الخطأ.
ما دام الإنسان في حجابه مشغولاً بنفسه ولم يخرق الحجب النورانية فإن فطرته محجوبة، وإن الخروج من هذا المنزل يتطلب إضافة الى الترويض والمجاهدة، هداية الحق تعالى .
إن كمال الإنقطاع هذا هو الخروج من منزلة النفس والأنا والانقطاع عن الجميع وهي هبة تُمنح للأولياء المخلصين بعد أن صعقوا بملاحظة الجلال التي هي بمثابة غمزة في تعبير (لاحظته).
ما لم تشرق أبصار القلوب بضياء نظرته فلا تخرق حجب النور، وما دامت هذه الحجب باقية فلا يوجد طريق إلى معدن عظمته، ولن تدرك الأرواح التعلق بعزّ قدسه فلا تحصل مرتبة التدلي ثم دنى فتدلى، والأدنى من ذلك هو الفناء المطلق والوصول المطلق.
لا بد من التنعم بالحب والوفاء بالعهد الذي عاهدته وما دمت (أنت) فإنك لن تبلغ وصل المحبوب فلا بد من التفاني في طريق المحبوب .
إن المناجاة السرية بين الحق وعبده الخاص لن تتم إلا بعد الصعق واندكاك جبل الوجود .
كما حصل لنبي الله موسى (عليه السلام) بقوله تعالى: فلما تجلّى ربه للجبل جعله دكّا وخرّ موسى صعقاً الأعراف :١٤٣
من رسالة الإمام الخميني (قده) للسيدة فاطمة الطباطبائي زوجة المرحوم أحمد نجل الإمام في ٢٤ شعبان ١٤٤٠ .
يتبع..