أهل البيت - الدعوة للإمامة
أهل البيت
دعوة الإمام الصادق عليه السلام للإمامة
ورد في كتاب إنسان بعمر 250 سنة للإمام السيد علي الخامنئي دامت بركاته، في محضر كلامه عن دعوة الإمام الصادق عليه السلام للإمامة ما يلي:
● إنّ ما كان يشكّل بيت القصيد لدعوة الإمام الصادق عليه السلام، كغيره من أئمّة الشيعة الآخرين، هو موضوع الإمامة. ومن أجل إثبات هذه الواقعية التاريخية فإنّ أكثر الوثائق قاطعيةً هي الروايات الكثيرة الّتي نُقل فيها دعوى الإمامة عن لسان الإمام الصادق عليه السلام بوضوحٍ وصراحةٍ تامة.
● كان الإمام عليه السلام أثناء ترويج وتبليغ هذا الأمر يرى نفسه في مرحلةٍ من الجهاد، حيث ينبغي عليه أن يتبرّأ بشكل مباشر وصريح من حكّام زمانه، وأن يعرّف الناس على نفسه كصاحب حقٍّ واقعيِّ للولاية والإمامة؛ وفي الأساس إنّ هذا العمل لا يمكن أن يتحقّق إلّا إذا طُويت المراحل السابقة للجهاد والنّضال بنجاح؛ فتبرز مظاهر الوعي السياسي والاجتماعي في شريحةٍ واسعةٍ؛ ويتم استشعار الجهوزيّة والاستعداد الكامن في كلّ الأماكن؛ وتكون قد أُسّست الأرضية الأيديولوجية في جماعةٍ معتدٍّ بها، ويكون قد ثبت لعددٍ كبيرٍ من الناس ضرورة حكومة الحقّ والعدل؛ وفي النهاية يتّخذ القائد قراره الرّاسخ من أجل المواجهة النهائية. فبدون كلّ هذه الأمور إنّ طرح اسم أي شخص محدّد كإمامٍ وقائدٍ محقّ للمجتمع سيكون عملاً متهوّراً لا ثمرة وراءه.
● النقطة الأخرى الّتي ينبغي الالتفات إليها هي أنّ الإمام عليه السلام لا يكتفي في العديد من الموارد بأن يثبت الإمامة لنفسه؛ بل عليه أن يذكر إلى جانب اسمه أسماء أئمّة الحقّ الّذين سبقوه أيضاً، وفي الحقيقة يطرح سلالة إمامة أهل البيت المتّصلة والّتي لا يمكن التفكيك بينها.
ومثل هذا العمل، بالالتفات إلى أنّه بحسب الفكر الشيعي يدين كلّ الحكّام السابقين الجائرين ويعدّهم طواغيت، يمكن أن يكون إشارة إلى استمرار جهاد الشيعة واتّصاله في هذا الزمان بالأزمنة السابقة.
وفي الواقع فإنّ الإمام الصادق عليه السلام بهذا البيان يعدّ إمامته كنتيجة حتميّة لإمامة من سبقه، وبهذه الطريقة يخرجها من تلك الحالة المنقطعة والفاقدة للجذور والأصول، ويوصل سلالته بتلك القناة الموثوقة والثابتة إلى النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.
● ففي رواية عمرو بن أبي المقدام أنه في التاسع من ذي الحجّة -يوم عرفة- اجتمع عددٌ كبير من الخلائق في عرفات من أجل أداء مراسم ذلك اليوم الخاص، ومن الطبيعي أن يجتمع فيه ممثّلون عن كلّ المناطق الّتي يسكنها مسلمون من أقصى خراسان إلى ساحل البحر المتوسّط. ومن الممكن لكلمةٍ واحدةٍ في غير موضعها في هذا المكان، أن تستأصل عمل أكثر الشبكات الإعلاميّة العامّة انتشاراً في ذلك الزمان. فيوصل الإمام عليه السلام نفسه إلى هذا الجمع، ويحمل له رسالةً.
● ويقول الراوي: رأيت الإمام عليه السلام يقف بين الناس ويعلن نداءه ثلاث مرّات ويرفع صوته بأقصى ما يقدر عليه، بنداءٍ ينبغي أن يطرق أسماع الجميع في كلّ الأماكن وليصل عبرهم إلى كلّ أنحاء العالم الإسلامي. فنجده يتلفّت إلى كلّ الجهات، ويكرّر كلامه ثلاث مرّات، وهكذا يفعل حتّى يبلغ تكرار كلام هذا الإمام اثنا عشرة مرّة. وقد أطلق نداءه هذا بمثل هذه العبارات: "أيّها الناس إنّ رسول الله كان الإمام، ثم كان عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ ...".
● هكذا كانت دعوتك يا مولانا يا ابا عبد الله يا جعفر بن محمد، وما زالت أصداء هذه الدعوة المباركة تتردد في كل أرجاء المعمورة وتلقى صداها. فنردد حبًّا وولاءً بكم ..بِمُوالاتِكُمْ تَمَّتِ الْكَلِمَةُ، وَعَظُمَتِ النِّعْمَةُ، وَائْتَلَفَتِ الْفُرْقَةُ، وَبِمُوالاتِكُمْ تُقْبَلُ الطّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ، وَلَكُمُ الْمَوَدَّةُ الْواجِبَةُ، وَالدَّرَجاتُ الرَّفيعَةُ، وَالْمَقامُ الْمحْمُودُ، وَالْمَكانُ الْمَعْلُومُ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْجاهُ الْعَظيمُ، وَالشَّأنُ الْكَبيرُ، وَالشَّفاعَةُ الْمَقْبُولَةُ، رَبَّنا آمَنّا بِما اَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدينَ.