أعياد - يوم عرفة.. منطلق الرحلة إلى الله |2|
ديننا
يوم عرفة.. منطلق الرحلة إلى الله
|2|
2. يوم عرفة يوم التوبة:
في يوم عرفة يسأل المؤمن ربه ويسأله التوبة، ويقر ويعترف اعترافاً كاملاً صريحاً بأنه عبد مخطئ فقير مقصر يرجو الرحمة والمغفرة.
إنّ نفحاتِ الله ونسائمَ الرحمة الإلهية تتنزل في ذلك اليوم على القلوب الظمأى العامرة بذكر الله تعالى، الوافدة إلى الله تؤدي مناسك الحج عن معرفة وبصيرة وتدرك أسراره، وتعترف بالتقصير وتقر بالذنوب.
وقد علّمنا الإمام السجاد (عليه السلام) الآداب المعنوية للحج، وكيف ينبغي أن تؤدَّى مناسكَه بمعرفة وطهارة للحصول على آثار الحج العظيمة، وذلك من خلال حديثه مع أحد أصحابه ويدعى "الشبلي".
حديث الإمام السجاد (عليه السلام) مع الشبلي فقد ورد أنه لما رجع الإمام السجّاد (عليه السلام) من الحج استقبله الشبلي، فقال (عليه السلام) له: حججت يا شبلي؟ قال: نعم يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (عليه السلام): أنزلت الميقات وتجرّدت عن مخيط الثياب، فاغتسلت؟ قال: نعم.
قال (عليه السلام): فحين نزلت الميقات نويت أنك خلعت ثوب المعصية، ولبست ثوب الطاعة؟ قال: لا.
قال (عليه السلام): فحين تجردت عن مخيط ثيابك، نويت أنك تجردت من الرياء والنفاق، والدخول في الشبهات؟ قال: لا.
قال (عليه السلام): فحين اغتسلت نويت أنك اغتسلت من الخطايا والذنوب؟ قال: لا.
قال (عليه السلام): فما نزلت الميقات، ولا تجردت عن مخيط الثياب، ولا اغتسلت.
ثم قال الإمام السجاد (عليه السلام) للشبلي: " هل عرفت بموقفك بعرفة معرفة الله سبحانه أمر المعارف والعلوم، وعرفت قبض الله على صحيفتك واطّلاعه على سريرتك وقلبك؟"، قال: لا. قال (عليه السلام): "فما وقفت بعرفة!" (جامع أحاديث الشيعة ج ١٠- ص٣٧١).
نتعلّم من مضمون ما ورد عن الإمام السجاد (عليه السلام)، أن نفِدَ على الله في زمن الحجّ ونحن مطهَّرون من كلّ ما اكتسبناه من ذنوب وآثام، وأن نعقد العزم على عدم العودة إلى ارتكاب المعاصي عبر التوبة الخالصة النصوح، وأن نلبس ثوب الطاعة الحقيقيّة لله في السر والعلن، وأن نهاجر إلى الله ونهرب إليه من كلّ ما يلوّث نفوسنا، وأن نرجو دوماً رحمة الله، فنسعى إليها بأفعالنا ، وأن نخاف الله، فنراقب أنفسنا ونحاسبها، وأن نعي حقيقة وقوف الله على كتاب أعمالنا في السرّ والعلانية.
بقلم فضيلة الشيخ محمد سعد.