في رحاب دعاء عرفة
في رحاب دعاء عرفة
للإمام الحسين"عليه السلام"1
إن الباحث للدعاءالشريف يشعر وكأنه في بحر غزير من المعارف النورانية الرفيعة، والعميقة والبليغة،وقد وردت بطريقة الترتيب البديع والسهل السريع؛ حيث أنها تنوعت ولم تنحصر في موضوعواحد... وسنختار منها بعض الفقرات للتعرف على بعض الأسرار الإلهية ومنها:
التمجيد
يبدأ الإمام الحسين(عليه السلام) الدعاء حامداً وممجداً الله سبحانه وتعالى وهذا مطلوب في بداية كلدعاء!.. فيقول: ((الحمدُ لله الذي ليس لقضائه دافعٌ، ولا لعطائه مانعٌ)) هذهالجملة تلخص مسألة كلامية في غاية الدقة عن القضاء والقدر!! وهذا أول سر إلهي فيهذا الدعاء لأن حمد الحسين عليه السلام لله ليس كحمد أي انسان عادي وهو الحمدالحقيقي!
((ليسَ كصُنعه صُنعُ صانع)) وهذه الجملة تحكي قصة الخلق كله من الذرة إلى المجرة؛بأنها كلها مخلوقة له سبحانه.
ثم ينتقل للحديث عنإبداع أول الخلق؛ في قوله (عليه السلام) : (( فَطَرَ أجناس البدائع، وأتقنَ بحكمتهالصنائعُ)) أي جاء الخلق لا عن مثال سبقه.
والفطر: الخلقالإبداعي الأول.
فطرة الله: خلقته الأولى وإيجاده الأولالذي لا يمكن أن يكون إلا بحكمة بالغة ودقة متناهية، وإلا كان الخلق عبثاً والخالقلاعباً، "والعياذ بالله" وهو الحكيم العليم القادر .
فَنعَمُ الخالق علىالمخلوقات لا تُحصى ولا تُعد؛ ولذا يتعذر الشكر عليها وتأدية واجب ذلك للمنعم بهاعلينا.
يقول الإمام (عليهالسلام) بعد الالتفات إلى عجيب خلق الإنسان : ((فسُبحانك سُبحانك من مُبدئ مُعيدٍ،حميدٍ مجيدٍ، وتقدستْ أسماؤك، وعظمت آلاؤك، فأي أنعمك يا إلهي أُحصي عدداً أوذكراً..)). فإذا كانت النعم لا تُحصى، والشكر عليها لا يؤدى، ووصفها متعذر لجهلمعظمها، فكيف لك أن تصف خالقها، أو تعرف حقيقة بارئها..تبارك الله أحسن الخالقين...