الإمام الخامنئي - بين الترف والزهد في فكر الإمام الخامنئي (دام ظله) |2|
ثقافتنا
بين الترف والزهد في فكر الإمام الخامنئي (دام ظله)
|2|
هل باتت ثقافة الاستهلاك حاجةً لا يمكن الاستغناء عنها؟ وهل يذمّ الإسلام الرفاهيَة؟
وما هو المراد من الزهد في المفهوم الإسلاميّ؟
أسئلةٌ وعناوين نجيب عنها ونبيّنها من خلال كلام الإمام الخامنئيّ (دام ظله)؛ لكونها من أبرز مصاديق نمط العيش وفروعه في ظروفنا وواقعنا الحاليّ.
أوّلاً: من مقوّمات نمط الحياة الإسلاميّ
1- الزهد وعدم التعلّق بالدنيا:
أ- الزهد الفرديّ: "الزهد في الدنيا" من أحبّ الخصال التي يتقرّب بها العبد إلى الله؛ لذلك يسلّط الإمامُ الخامنئيّ (دام ظله) الضوء عليها بالقول: "إنّ الإسلامَ يوصي الإنسانَ بالزهد من خلال نظرته إليه بصفته فرداً. ومعنى الزهد هو عدم الاستغراق في متاع الدنيا وزخارفها، لكنّه في الوقت ذاته يحذّر من الابتعاد عن الدنيا وقطع الصلة بها. ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ (الأعراف: 32)؛ أي إنّه لا يجوز الإعراض عن الدنيا. وهذه من بديهيّات الدين ومعارفه الواضحة التي لا تحتاج إلى تفسير. في هذه النظرة، يبيح الإسلام للإنسان الفرد الاستفادة من ملذّات الحياة الدنيا ومباهجها، ولكنّه يذكّره في الوقت ذاته بلذّة أسمى وأرفع، هي لذّة الأنس بالله ومتعة ذكر الله عزّ وجلّ".
ب- الزهد ألّا تكون الدنيا هدفًا: إنّ الأساس في الزهد ألّا تكون الدنيا هي الهدف والمطلب. وعليه، قد يعتقد بعض الناس خطأً أنّ ثمّة أمورًا لا دخالة لها في باب الزهد، وأنّ الزهد ينحصر في باب المال والممتلكات وما شاكل، يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): " لا تقتصر المسائل الدنيويّة المطروحة في باب الزهد على الأموال وهذه الزخارف الحياتيّة المادّية فقط، بل تشمل الشأن والمقام والرتبة والوجاهة والمحبوبيّة وأمثالها؛ فالعمل لأجل الدنيا، والدراسة لأجل الدنيا، والسعي لأجل الدنيا، هذه الأمور كلّها هي نفسها ما يحويه باب الزهد، وقد تمّ التأكيد على هجرها والإعراض عنها".
ج- الزهد المجتمعيّ: يتحدّث الإمام الخامنئيّ (دام ظله) في قِبال تكليف الفرد عن تكليف المجتمع بلحاظ الزمان، فيقول: " إنّ مجتمعَنا اليوم يعيش ظروفًا تستوجب قراءة روايات الزهد عليه... والوضع هو الذي يحدّد تكليف الزمان. وبرأينا، إنّ زمننا اليوم هو زمن يستوجب دعوة مجتمعنا نحو الزهد؛ لأنّ المجتمع يتقدّم باتّجاه التموّل، والثروة في البلد في ازدياد، والساحة مهيّأة لأمثال هؤلاء من أهل الدنيا، ليجنوا الثروة من خلال طرق مختلفة ويكتسبوها وينفقوها على غير حلّه. وإذا جُمعت الثروة من طريق الحلال أيضاً، فإنّهم يُفتَنون بالدنيا ويُبتلَون بسوء عواقب الافتتان".
بقلم الشيخ علي متيرك.
المصدر : بقية الله.