قرآننا
والله متم نوره
|3|
بماذا يُطفئون نور الله؟ يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، هنا تفسيران:
١. تفسير مشهور ومعروف وخصوصًا بين القدماء من المفسرّين، يقولون أن الله سبحانه وتعالى شبّه هذا بمن يحاول أن يُطفئ السراج مثلًا لأنهم كانوا يُضيئون بالزيت أو القنديل فيُنفخ عليه حتى يُطفيه، فهؤلاء يتصوّرون أنهم بالنفخ يستطيعون أن يطفئوا نور الله أو بالنّفخ يحاولون أن يطفئوا نور الشمس وهل يمكن بالنّفخ أن تُطفئوا نور الشمس؟
وإنّما استخدم الله تعالى هذا التعبير من أجل الإستهزاء بهؤلاء الذين يريدون ليطفئوا نور الله، هذا تفسير شائع وقديم.
٢.هناك تفسير آخر منسجم أكثر مع روح العصر والتحولات الفكريّة والعلميّة وثورة الإتصالات وما شاكل..، وهو الذي يقول يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم يعني بالحرب الإعلاميّة، يعني بكل وسائل الحرب الإعلاميّة، يعني بما نسميه ونصطلح عليه في الزمن الحاضر بالحرب الناعمة، ويقول هؤلاء المفسرّون: أن الحرب الناعمة والحرب الإعلامية اخطر وأشد فتكًا من القتال والحروب العسكريّة وهذا صحيح وهذا ما نشهده الآن، هناك أمم وشعوب صمدت في مواجهة الحروب العسكريّة، في مواجهة الإحتلال، في مواجهة الغزو العسكري، ولكنها أمام الحروب الناعمة والحروب الإعلاميّة ضاعت وضعفت ووهنت وتمزقت وتفتت، وما عجز المستكبرون عن تحقيقه بالحرب وبالغزو وبالعدوان المسلّح استطاعوا أن يُحققوه من خلال الحرب الإعلاميّة والحرب الناعمة.
على كلٍ، إذا كان هذا التفسير هو المراد الحقيقي لهذه الآيات الشريفة، فهذا أيضًا شاهدٌ جديد على أن القرآن له أعماق وله معاني، دائمًا تظهر مع تطور عقل الإنسان ومقدرات الإنسان الثقافيّة والعلميّة والفكريّة، وكل جيل يكتشف معنى من المعاني لم يكتشفه أو لم يلتفت إليه، لم تلتفت إليه الأجيال التي مضت.
..يتبع
السيد حسن نصر الله في خطاب أسبوع الوحدة الإسلاميّة ٢/١٠/٢٠٢٣