قرآننا
والله متم نوره
|6|
في هذه الآيات أيضًا إخبار غيبيٌ مُعجز، أتوقف عنده، هذه الآيات، نزلت غي سورة التوبة وسورة الصف، هي سور مدنيّة، ونزلت في المدينة، وفي المدينة هناك دولة جديدة وفتّية ومجتمع جديد، كثير من الناس الذين دخلوا في الإسلام كانوا حديثي عهد في الإسلام، خصوصًا بعد فتح مكة، هناك تيار يُعتدّ به وخطر إسمه المنافقون، هناك تيار يتهيأ للإرتداد بعد وفاة النبي(صلّى الله عليه وآله)، إذًا تهديدات داخليّة، هناك إمبراطورية قيصر وإمبراطورية كسرى، هاتان الإمبراطوريتان تنظران إلى الدولة الإسلاميّة الفتية الناشئة في شبه الجزيرة العربية على أنها تهديد، فكانت دولة النبيّ بين فكي كماشة، في تلك الأجواء والتي تتعاظم فيها التهديدات الداخليّة والخارجيّة جاءت هذه الآيات لتقول للمسلمين أن الله سيتمّ نوره، لأن بعض آيات النور، يُريدون أن يُطفئوا أو لِيطفئوا، جاءت الآية، مرتين، "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ"، يعني إلى قيام الساعة، هذا إخبارٌ غيبيٌ مُعجز أيها الإخوة والأخوات.
رغم كل التهديدات والمخاطر التي تُواجه أي رسالة وأي دين وأي مجتمع جديد، وأي دولة فتية، يمكن أن تنهار ويمكن أن تفنى وأن تتناثر، ولكن القرآن وهذا شاهد على أنه من الله عزّ وجل، يتحدّث عن هذا المستقبل بشكلٍ قاطعٍ وجازم، وأنه مستقبل إظهار الدين، وقد أظهره الله سبحانه وتعالى بعد رسول الله وإلى اليوم، هذا الإمتداد الواسع في جغرافيا العالم الإسلامي، جزءٌ من إظهار الدين، اليوم لدينا مليار ونصف مليار مسلم، البعض يقول ملياري مسلم، هذا جزءٌ من إظهار الدين.
أولئك الذين كانوا يظنون أن هذا الدين سيتم محاصرته وخنقه في مكة والمدينة والقضاء عليه بعد مدة، فإذا به ينتشر وينتشر ويتسع وسيبقى كذلك إلى قيام الساعة.
..يتبع
السيد حسن نصر الله في خطاب أسبوع الوحدة الإسلاميّة ٢/١٠/٢٠٢٣