رحلة حياة - جولة في ملكوت الحج |1|
جولة في ملكوت الحج |1|
عزمت الذهاب إلى الحج وبدأت تحدثني نفسي (من أين أبدأ؟ من أين أبدأ الحج الكامل، الحج الذي أراده الله عز وجل، الذي يفهمه أولئك الذين استغرقوا في جلال الله وجماله، واستوعبوا فلسفة الحج كما أراد الله -سبحانه وتعالى- لهم؟).
نعم وكانت البداية بالدعاء في شهر رمضان المبارك!
اَللّـهُمَّ ارْزُقْني حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ فِي عامي هذا وَفي كُلِّ عام ما اَبْقَيْتَني في يُسْر مِنْكَ وَعافِيَة، وَسَعَةِ رِزْق، وَلا تُخْلِني مِنْ تِلْكَ الْمواقِفِ الْكَريمَةِ، وَالْمَشاهِدِ الشَّريفَةِ، وَزِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
بدأت متصفحاً للكتب المباركة التي تحوي أحاديث أئمتنا الأطهار لكي تساعدني على أن يكون قصدي لهذه الفريضة المباركة فيه تغييراً جوهرياً في باطني، وأن أذهب للحج، لأرجع بشخصية وهوية جديدة، بهوية إلهية، أرجع وأنا على خلق ذلك النبي العظيم، الذي بنى هذا البيت، وعلّمنا المناسك، ألا وهو نبي الله إبراهيم الخليل (عليه السلام) الذي بيّن أرفع الدرجات في الاستسلام للأمر الإلهي، حيث قام بما قام من محاولة ذبح ولده إسماعيل، ومن ترك ذريته بوادٍ غير ذي زرع، وقبل ذلك: تحطيم الأصنام، واستعداده لأن يلقى في تلك النار الموقدة وغيرذلك.
وعلمت، أنه من أراد الحج، لا بد من أن يعيش هذه المعاني.
وعلمت أن هذه الفريضة مظلومة عند الكثير من المسلمين، حيث لا يعرفون إلا تأدية المناسك الظاهرية دون الوصول إلى ملكوت هذه الأعمال في التغيير الجوهري للسلوك.
فوجدت في حديث الإمام السجاد (عليه السلام) للشبلي الذي أراد أن ينتقل من ملك الحج إلى الملكوت، أنّ هنالك ارتباطاً للمعرفة الإلهية بأداء هذه المناسك، فالحج عملية رمزية، أي أنكل حركة ترمز إلى معنى من المعاني، وعليه، ينبغي اكتشاف هذه المعاني المختزنة.
وبدأت الاستعداد للسفر لتأدية هذه الفريضة المقدسة متوسلاً للمولى أن يعينني على تأديتها بالطريقة الملكوتية المطلوبة.
تابع (آداب السفر، وأعمال الميقات، والإحرام الحقيقي).