رحلة حياة - جولة في ملكوت الحج |5|
جولة في ملكوت الحج |5|
الطواف حول الكعبة
الطواف حول الكعبة يبدو في ظاهره أنه طواف حول البيت ولكن الطواف له سرّ وطعم آخر
(يا رَب، أمطر علينا الرحمة الإلهيّة كما تُنزل المطر من ميزابِ الكَعبة!)
إن من أهم الأشياء التي يتهيأ فيها الإنسان في حالة الطواف ليس للحج فقط، هو الإحساس بالعبودية له جلّ وعلا، حتى تتم المسانخة مع الله سبحانه وتعالى.
وعند الطواف حول بيت الله ينعكس الحب للحق تعالى وتُفرغ القلوب مما سواه وتنزه الأنفس فلا خشية لأحدٍ غيره سبحانه ولا مهرب منه إلا إليه وحده لا شريك له.
مبايعة الله وأداء الأمانة
وعند استلام الحجر الأسود تكون المبايعة لله (اللهم ثبتني على ولايتك وولاية أهل بيتك الأطهار وأحبب قلبي أحبابك وأولياءك واقطعه عمن سواك من أعدائك وأعداء دينك يا رب العالمين).
(إلهي أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي بالموافاة)
نعم تذكرت ما قطعته على نفسي في عالم الذر من الإقرار بالربوبية، اللهم فاشهد عليّ،
ثم توجهت للصلاة بركعتين خلف مقام إبراهيم (عليه السلام)، شاكراً الله -عز وجل- على هذه النعمة بأفضل صور الشكر.
السعي بين الصفا والمروة
إنه في ظاهره هرولة وسعي بين موضعي (الصفا والمروة) وإنما في الحقيقة إنه السعي للحصول على المحبوب.
إن السعي بصدق وإخلاص لطلب المحبوب تتقطع فيه جميع الأواصر الدنيوية وتتلاشى كل الشكوك والظنون الدنيوية ويزول كل خوف ورجاء حيواني وتنقصم كل القيود المادية فتتفتح عندئذ براعم الحرية وتتحطم القيود التي كبل بها الطواغيت عباد الله وأسروهم واستعبدوهم.
في السعي بين الصفا والمروة نحن نطرق أبواباً للرزق في جهة؛ والله قد يكتب الأرزاق في جهةٍ لا تخطر لنا على بال! إن الله في فضله ورزقه كريم يعطينا أكثر مما نطلب!
في هذا الموضع علمتني قصة هاجر.
أنها كانت تريد أن تروي عطش رضيعها؛ فسعت وهرولت، فأعطاها الله بئر زمزم!
كانت في وادٍ مُظلم موحش لا أنيس ولا جليس!
وتنزلت عليها رحمات الله وبركاته؛
طرقت باب الكريم؛ طرقت باب المحبوب فأزال عنها الخوف والحزن والوحدة فأسكن معها وبقربها من يؤنسها ويعينها على وحدتها.
نعم إنه الله، يعطي من يشاء، بما يشاء، كيف يشاء، لمن أخلص واستكان وتوكل عليه.
يتبع..
(الوقوف بعرفة، ورمي الجمرات، سر التضحية في منى).