أشهر النور - هل تُقبل توبتنا |4|
هل تُقبل توبتنا
|4|
كيفية الاستغفار المرجو من الله عز وجل
هنالك مفهوم خاطئ للاستغفار شائع بين الناس، وهو الاكتفاء بالحركات اللفظية على اللسان غير المؤثرة في السلوك..
وقطعاً هذا المستغفر مستهزئ بنفسه، يتمتم بلسانه قائلا: (أستغفر الله ربي وأتوب إليه) - لعله ألف مرة- ونفسه تنازعه أو ينوي - بعد قليل- الهم بالمعصية!.
حقيقة الاستغفار هو أنه حالة باطنية من الإحساس العميق بالندم، والعزم على عدم العود للمعصية..
كما نردد في الدعاء:
(وَأَشارَتْ بِاِسْتِغْفارِكَ مُذْعِنَةً)..
إن الذي يصل إلى هذه الحقيقة وهي المعبّر عنها "بالرؤية الملكوتية للحرام"
أي أن يرى الغيبة عبارة عن أكل لحم الميت،
وأكل مال اليتيم يساوي أكل النار،
وأخذ الربا من مظاهر المس الشيطاني،
فقد وصل إلى عمق التوبة الصادقة المقبولة..
ولتوضيح هذا المفهوم أكثر، نورد هذه الرواية للإمام علي (عليه السلام):
قلت: يا أمير المؤمنين! العبد يصيب الذنب، فيستغفر الله.. فما حد الاستغفار؟
قال: يا بن زياد، التوبة..
قلت: بس!
قال: لا،
قلت: كيف؟
قال: إن العبد إذا أصاب ذنبا، يقول: أستغفر الله بالتحريك..
قلت: وما التحريك؟
قال: الشفتان واللسان، يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة..
قلت: وما الحقيقة؟
قال: تصديق في القلب، وإضمار أن لا يعود إلى الذنب الذي استغفر منه..
قال كميل: فإذا فعل ذلك، فإنه من المستغفرين!
قال: لا،
قال كميل: فكيف ذاك؟
قال: لأنك لم تبلغ إلى الأصل بعد!
قال كميل: فأصل الاستغفار ما هو؟
قال: الرجوع إلى التوبة من الذنب الذي استغفرت منه، وهي أول درجة العابدين، وترك الذنب.. والاستغفار اسم واقع لمعان ست:
أولها: الندم على ما مضى.. والثاني: العزم على ترك العود أبدا..
والثالث: أن تؤدي حقوق المخلوقين التي بينك وبينهم.. والرابع: أن تؤدي حق الله في كل فرض..
والخامس: أن تذيب اللحم الذي نبت على السحت والحرام، حتى يرجع الجلد إلى عظمه، ثم تنشئ فيما بينهما لحما جديدا..
والسادس: أن تذيق البدن ألم الطاعات، كما أذقته لذات المعاصي، بحار الأنوار/ج6.
فتوبوا إلى الله أيها المؤمنون توبة نصوحا، فعندها بإذن الله تُقبل توبتكم.
(اِلـهي وَسَيِّدي وَرَبّي، اَتُراكَ مُعَذِّبي بِنارِكَ بَعْدَ تَوْحيدِكَ وَبَعْدَ مَا انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبي مِنْ مَعْرِفَتِكَ وَلَهِجَ بِهِ لِساني مِنْ ذِكْرِكَ، وَاعْتَقَدَهُ
ضَميري مِنْ حُبِّكَ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرافي وَدُعائي خاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ، هَيْهاتَ اَنْتَ اَكْرَمُ مِن ْاَنْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ اَوْ تُبْعِدَ(تُبَعِّدَ) مَنْ
اَدْنَيْتَهُ اَوْ تُشَرِّدَ مَنْ اوَيْتَهُ اَوْ تُسَلِّمَ اِلَى الْبَلاءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَرَحِمْتَهُ..).