عقيدة - ميعادُ المستغفرين |2|
ديننا
ميعادُ المستغفرين
|2|
هل جربتم شعور التصالح مع أحبّائكم بعد خصومة مؤلمة؟
وهل تملكون تصوُّرًا كيف تتلألأ علاقة المحبّين بعد هجرٍ طويل؟
فمشاهدٌ كهذه تعجبنا كثيرًا: ولدٌ يرتمي بين ذراعَي والده يسأله المسامحة، أو أخٌ يقبّل جبين أخاه طالبًا العفو!
ولو أبحرنا في الخيال قليلًا إلى ما بعد تلك اللحظات، فأيُّ صفاءٍ سنراه أنقى من هذه الصفحة البيضاء التي تُجلي الكَدَر من قلوب المتخاصمين؟
هذا الكلام كلُّه ليس بقطرةٍ في بحر لذة الإنابة إلى الله وهجران الذنوب، عندما يغتسل العبد بدموع توبته من أدران المآثم المتعِبة، ويشدّ أمتعة الترحال إلى مؤنس روحه الأوحد.
"إلهي ألبَسَتني الخطايا ثوب مذلّتي، وجَلَّلَني التباعد منك لباس مَسكَنتي، وأمات قلبي عظيمُ جنايتي، فأحيِه بتوبةٍ منك يا أمَلي وبُغيَتي ويا سُؤلي ومُنيَتي".
لكن، لماذا خصوصية الإستغفار لشهر رجب تحديدًا؟
لأنّ شعور الندم الحقيقي والإعتراف بالذنب في هذا الشهر، يخلق جوًّا من الإرتباط الروحي الجميل بالله عز وجل، ويمثّل حالة انكسار للعبد تتصاغر من خلالها نفسه ويُذَلّ اعتزازه وتكبره، ويعود إلى حقيقة ضعفه وحاجته.
فيقف بعد ذلك، بين يديّ أرحم الراحمين، في شهرَي شعبان ورمضان كوقفة الطفل المتأبّط بسلاح العاطفة الصادقة والبكاء الجيّاش أمام أمّه، فيتزوّد من هذه الأشهر المباركة أعمالًا وأخلاقًا ومعنويات تتسامى بروحه إلى عالَم الملكوت.