عقيدة - على طريق النهج |5|

على طريق النهج
|5|

قال أمير المؤمنين في نهج البلاغة:
"إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر."
أطراف النعم أو أوائلها، وأقصاها أو آخرها، المقصود من هذه الكلمة التنبيه على استدامة النعم الموهوبة بدوام الشكر وبيانه.
نحن نعرف أن دوام الشكر عن نيّة صادقة وتحريك اللسان بالذكر عن اعتقادات صافية يُفيضان المزيد المزيد من النعم قال تعالى: ((لئن شكرتم لأزيدنكم).
 نعم!
إن دوام الشكر وما في معناه من الابتهالات والتضرعات والتعود بها أسباب معِدّة للنفس لدوام الإفاضات بأنواع الخيرات،
وإذا كان وجود الشكر سببًا لوجود النعم وبقائها واتصال أواخرها بأوائلها!
فإن عدم الشكر أو قلّته سببًا عرضيًا لنفارها وقلة ثباتها وانقطاع تواترها، لا لقصور من مفيضها وهو العزيز الكريم الذي يرزق من يشاء بما يشاء على من يشاء! فإنه تعالى بريء عن النقصان وهو أجود الأجودين! فيضه تام وكرمه عام.
 ولا نسبة لجود الإنسان إلى جوده تعالى ولا إضافة لكرم عبد إلى كرمه الكبير المتعال.
 بل يكون النقصان ناتج عن تقصير الإنسان في السعي إلى تحصيل أسباب تلك النعم!
فالإنسان الذي يسعى ويتضرع ويدعو ويشكر ويثني، هذا الإنسان شتان بينه وبين قليل الشكر والحمد والثناء وغيرها.
فالأول يزيد في نماء النعم الإلهية وتكاثرها على نفسه...قال تعالى: "وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ"
لأن الشكر يُبقى السابق ويجلب اللاحق.
والثاني يكون قلة شكره سببًا لانقطاع عرضي للنعم عنه وذلك بسببه وليس بسبب ربّه!
فكما علمنا لا جرم نسبة بينهما!

فأكثروا.. أكثروا.. عباد الله من الشكر على نِعَم الخالق ولا تبعدوها عنكم بقلة شكركم وغفلتكم عنها فلا تنفروها منكم!