عقيدة - الأربعينية -الموسوية- لتعجيل الفرج
الأربعينية -الموسوية- لتعجيل الفرج
ومع ورود أيّام ذي الحجّة، وهذه الأيام مباركة، التي لها أهميّة خاصّة تميّزها عن سائر الأيّام، فالعشرة الأولى من ذي الحجّة الحرام هي من الأيّام المعدودة والخاصّة التي ينتظر أهل المعرفة ورودها، بسبب أوامر الأولياء واهتمامهم بها.
وكما أنّ للأولياء اهتماماً كبيراً بالأربعين، وهم يرون أنّ تأثير الذِكر والوِرد يكون بعد أربعين يوماً، فهذه ليست مسائل تخيليّة واعتباريّة بل هي حقائق.
ولنلاحظ أهميّة هذه العشرة أيضاً في أربعين موسى عليه السلام، والقرآن الكريم يشير إلى ذلك حيث يقول: {وَوَاعَدنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيلَةً}، أي إنّا جعلنا لموسى ثلاثين ليلة للمناجاة والحصول على حالة خاصة في جبل الطور، ولم يكن موسى ـ كما ذكرت الروايات ـ يأكل ولا يشرب ولا ينام لحظة في تلك الأيّام، كان دائماً في تمام هذه المدّة يعيش حالة الجذبة.
كما كان أمير المؤمنين عليه السلام يعيش تلك الجذبات التي عاشها النبيّ موسى عليه السلام، إلا أنها كانت عنده بنحو أشدّ. فقصّة ذلك الرجل الذي رأى أمير المؤمنين قد سقط، فظنّ أنّه فارق الحياة، فأسرع إلى بيت السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام وقال لها: لقد رأيت عليّاً فارق الحياة، فسألته عمّا جرى، فأخبرها بما رأى، فقالت له: هذا حاله في كلّ ليلة!
نعم! فقد كانت حالة أمير المؤمنين في ذلك الزمان على هذا النحو وهذا الوضع.
فكما حصل للنبيّ موسى عليه السلام، في تلك المدّة حالة الجذبة، فأنت كذلك أيها الإنسان المؤمن تستطيع أن تحصل على مثيلها في هذه المدّة!
ولا غرابة في ذلك ولا إشكال فيه، فعندما يتمكّن الإنسان من التغلّب والسيطرة على قوى النفس (بالعطش والجوع من خلال الصيام، وبالبكاء والتوسل والتضرع من خلال الذكر والدعاء...) فبواسطة القوى الروحيّة، يمكنه أن يجعل هذا البدن تحت تسخير النفس.. وهذا قمة الجهاد الأكبر.
فيكفي لنا أن نقوم بعمل في هذه الأيام المباركة من الأعمال المستحبة لجذب نفوسنا، فهزّة واحدة من الهزّات التي تصيب الإنسان تكفي، وبرقة واحدة من هذه البرقات تكفي لتحرق كيان وجوده وتعلّقاته وكلّ ما هو موجود، ولذا يقولون ينبغي أن لا نقصّر، وعندما نريد القيام بهذه الأعمال فينبغي أن نقوم بها بدقّة وحساب، وينبغي أن نقرأ الأذكار والأدعية بتوجّه، لنرى أنّ التأثير الذي يتركه تأثير أبديٌّ خالد، فينبغي لنا أن نغتنم الاستفادة من هذه الفرص!
وفقنا الله وإياكم الإعانة على إتمام العشر الأواخر من هذه الأربعينية بما يحب ربنا ويرضى.