عقيدة - على طريق النهج |6|
على طريق النهج
|6|
روي عن أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: {.. أَلَا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ حَذَّاءَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ اصْطَبَّهَا صَابُّهَا أَلَا وَإِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّ كُلَّ وَلَدٍ سَيُلْحَقُ بِأَبِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَداً حِسَابٌ وَلَا عَمَلَ}.
ويبين عليه السلام ميزة للدنيا بأنها باطلة وأن الآخرة هي الحق، باعتبار أن الدنيا هي الفانية فمن تعلق بها وعمل لها بطل وبطلت أعماله وكان من الهالكين الفانين وفي العذاب خالداً وباطل ما كانوا يعملون، ومن عمل للآخرة خلد، وخلدت أعماله وبقيت وكانت الباقيات الصالحات.
نرى أنه عليه السلام قد اعتبر الدنيا فانية ومولية بسرعة، والآخرة باقية، لذلك اعتبر أن اتباع أهواء النفس ومشتهياتها الدنيوية تصد عن الحق الباقي ومنه الآخرة، وطول الأمل يشغل الإنسان بالدنيا وينسيه الآخرة.
فإن طول الأمل، يُنسي الآخرة، ألا وإنّ الدنيا قد ولّت - سريعة - فلم يبقَ منها كصبابة الإناء - كما نصب الماء من الإناء الذي ينتهي عند آخر نقطة - ونحن نصبّ من عمرنا ولم يبقَ منه إلا القليل -وأما الآخرة ستقبل بعد الدنيا ، وشبّه عليه السلام الدنيا والآخرة بالأم التي تلد ولها أبناء، وحث الناس على أن يكونوا من أبناء الآخرة ولا يكونوا من أبناء الدّنيا، لأن كلّ ولد سيُلحق بأمّه يوم القيامة - فإن كنت من أبناء الدّنيا، فإنّ الدنيا قد ذهبت، وليس لك شيء فيها، وإن كنت من أبناء الآخرة، فإنها تضمّك وتحتضنك، ولا تزال بك حتى تدخلك الجنّة.
فهذه الموعظة لا تقتصر على المرحلة التي عاش فيها الإنسان، وإنما هي للإنسان كلّه وللزّمن كلّه!
فكونوا عباد الله من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا.