قرآنًا عجباً - جولة في علوم القرآن |14| - إعجاز القرآن 4
قرآنًا عجباً
جولة في علوم القرآن |14|
إعجاز القرآن 4
التصوير الفنّي:
ويشكّل وجهاً إعجازياً آخر من وجوه القرآن الإعجازية، وذلكبفعل خصائص القرآن الكريم في تصوير المشاهد والمعاني المختلفة، وفق تخييل فنّيفائق الروعة، يجذب القلوب والأبصار ويأسرها بسحره وجماله، حتى كأنّه يشاهدها حاضرةعنده.
وقد تجلّى ذلك من خلال تصويره - لمشاهد الطبيعة الحيّة، - وآثار الفضائل والرذائل والمحاسن والمساوىء، - وقصص الماضين من الأنبياء وأممهم، - وضرب الأمثال، - وأحوال المعاد والقيامة والحساب.
من المشاهد الفنّية التي صوّرها القرآن الكريم، ما يلي:
أ- مشاهدة يوم القيامة: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُاتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَتَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِحَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّعَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج 2-1]،
حيث تصوّر هاتان الآيتان مشهداً مزدحماً بذلك الحشدالمتماوج، والهول يذهله، وهو هول لا يُقاس بالحجم والضخامة، ولا يمكن أن يعبّر عنعظمته بحسر كلماته وأسلوبه الخاصّ. المرضعات الذاهلات عمّا أرضعن، والحاملاتالملقيات حملهنّ، والسكارى وما هم بسكارى، ولكنّ عذاب الله شديد.
ب- حبط أعمال الكافرين: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْبِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍلاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُالْبَعِيدُ﴾ [إبراهيم 18]، تصوير حبط أعمال الكافرين بمشهد حركة الريح في يومعاصف، تذرو الرماد، فتذهب به بدداً، إلى حيث لا يجتمع أبداً.
ج- عاقبة الشرك بالله: ﴿.. وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِفَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِالرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج 31].
هكذا في ومضة، يخرّ من السماء من حيث لا يدري أحد، فلايستقرّ على الأرض لحظة، إنّ الطير لتخطفه، أو إنّ الريح لتهوي به، وتهوي به فيمكان سحيق! حيث لا يدري أحد كذلك !