قرآناً عجباً- أضواء على سورة آل عمران |2|
هدى للناس
أضواء على سورة آل عمران
|2|
"وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ" (آية 42).
1. لماذا تكرر ذكر الاصطفاء في الآية؟
● لعلّ الاصطفاء الأول إشارة إلى قبولها لخدمة بيت الله رغم كونها أنثى كما قال تعالى: "فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ"؛ بينما
الاصطفاء الثاني تمييزها على النساء بولادة عيسى (عليه السلام) من دون بعل.
2. ألا يدل اصطفاء مريم على نساء العالمين على تفضيلها على فاطمة الزهراء عليها السلام التي ورد في حقها أنها سيدة نساء
العالمين؟
1- الاصطفاء لا يدل على التفضيل من جميع الجهات، لأن الاصطفاء هو الاختيار والتمييز، فاختيارها وتمييزها بولادة عيسى عليه
السلام من دون بعل لا يدل على أنها أفضل مقاماً من نساء العالمين، وقد استعمل الاصطفاء في القرآن بمعنى الاختيار لا التفضيل
كما في قولـه تعالى: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ" وقولـه تعالى: "قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي"
فالمنظور فيه تمييزه على الناس واختياره من بينهم بالرسالة والكلام من دون نظر إلى بيان فضله عليهم.
2- ولو فُرض أن المقصود من اصطفاء مريم وتفضيلها، فيراد منه تفضيلها على نساء عالمها ، فهو نظير ما جاء في سورة الأنعام : "وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلّاً فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ"؛ فإنه ليس المقصود تفضل كل واحد من هؤلاء على كل فرد من
العالمين من أول الخلق إلى نهايته بمن فيهم غيرهم من الأنبياء كالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل مجرد تفضيل كل نبي منهم
على العالَمين في زمانه فاختاره الله للنبوة من بينهم -والله العالم-. فكذلك مريم إنما فضلت على نساء عالمها.