قرآناً عجباً - أضواء على سورة آل عمران |7|
هدى للناس
أضواء على سورة آل عمران
|7|
منك أو من الله ؟
"وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا" - آية (78 ـ 79).
كيف ينسجم قولـه: "وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ" مع قولـه فيما بعد: "وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِك".
لتوضيح عدم المناقضة بين الآيتين نشـير إلى أن الحدث الواحد إذا كان يستند لعدة عوامل يصح نسبة ذلك الحدث إلى كل واحد من هذه العوامل ـ وتسمى فلسفياً أجزاء العلّة التامة ـ فكما يمكن نسبة الاحراق إلى النار يمكن نسبته إلى إهمال الخادم، وكذلك تصح نسبته إلى الله سبحانه لأنه قضى ذلك وقدّره، أما إذا استند الحدث إلى عامل واحد فلا ينسب إلاّ إليه.
ومن هذا المنطلق نلاحظ أن الحسنة قد نُسبت في الآيتين إلى الله تعالى لأنّه يبتدئ بالنِعَم والإحسان، بل إن تمكين الإنسان من فعل الخير نعمة وإحسان الهي إليه، بينما نسبت الآية الثانية السيئة والإخفاق الذي يصيب الإنسان إلى نفسه ـ بالرغم من كونها بتقدير الله وقضائه ـ باعتباره مساهماً في ذلك و بسبب خطئه أو سوء تصرفه واختياره كما ينسب احراق البيت إلى إهمال الخادم مع أنه بقضاء وقدَر الهي.