قرآن - حوارات قرآنية |1|
حوارات قرآنية
|1|
حوار الله سبحانه وتعالى مع الملائكة
(إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِ الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) سورة البقرة/ الآية30
إنّ الله سبحانه وتعالى شرّف الإنسان بالخلافة على الأرض، فأصبح الكائن الوحيد المتميّز بهذا الشرف من بين كلّ كائنات الكون، لذا استحقّ الإنسان أن تسجد له الملائكة، وتدين له بالطاعة كلّ قوى الكون المنظور وغير المنظور.
والخلافة الّتي تحدّث عنها القرآن الكريم في هذه الآية، ليست استخلافاً لشخص آدم عليه السلام بل للجنس البشريّ كلّه، لأنّ من يُفسد في الأرض ويسفك الدماء - وفقاً لمخاوف الملائكة - ليس آدم بالذّات بل الآدميّة والإنسانيّة على امتدادها التأريخيّ.
الآية المذكورة تتحدث عن المرحلة الأولى، حين شاء الله أن يخلق على ظهر الأرض موجودًا، يكون فيها خليفته، ويحمل أشعة من صفاته، وتسمو مكانته على مكانة الملائكة، وشاء سبحانه أن تكون الأرض ونعمها وما فيها من كنوز ومعادن وإمكانات تحت تصرف هذا الإنسان.
مثل هذا الموجود بحاجة إلى قسط وافر من العقل والشعور والإدراك والكفاءة الخاصة، كي يستطيع أن يتولى قيادة الموجودات الأرضية.
● وبهذه المناسبة تقول الآية الأولى: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، ⇦والخليفة هو النائب عن الغير. أما هذا الغير الذي ينوب الإنسان عنه فاختلفت فيه أقوال المفسرين..
★منهم من قال إنه خليفة الملائكة الذين كانوا يسكنون من قبل على ظهر الأرض.
★ومنهم من قال إنه خليفة بشر آخرين أو موجودات أخرى كانت تعيش قبل ذلك على الأرض.
★وذهب بعضهم إلى أن الخليفة إشارة إلى أن كل جيل من البشر يخلف الجيل السابق.
والحق أن المقصود بالخليفة هو خليفة الله ونائبه على ظهر الأرض، كما ذهب إلى ذلك كثير من المحققين. لأن سؤال الملائكة بشأن هذا الموجود الذي قد يفسد في الأرض ويسفك الدماء يتناسب مع هذا المعنى، لأن نيابة الله في الأرض لا تتناسب مع الفساد وسفك الدماء.