قرآن - {وكان بين ذلك قواماً} |8|
ديننا
{وكان بين ذلك قواماً}
|8|
"وعن ماله مما كسبه وفيما أنفقه".
من مظاهر الإسراف:
الإسراف يتجلّى في واقعنا أيضاً في المآدب الفارهة التي تفوق حاجة المدعوّين إليها، ما يجعل الكثير منها يرمى في النفايات ولا يستفاد منه.
وهو يحصل أيضاً في عدم الضّبط في أسلوب استخدام الكهرباء والماء أو الهاتف ووسائل التواصل، وفي استعمال وسائل النّقل.
ويتّسع الإسراف ليشمل الإسراف في الوقت، حيث ورد في الحديث: "احذروا ضياع الأعمار، ففائتها لا يعود" - ميزان الحكمة/ج٣.
أو في الكلام، فقد ورد في الحديث: "الكلام كالدّواء، قليله نافع، وكثيره قاتل" - ميزان الحكمة/ج٣.
والإسراف يرد في المدح والثّناء بالتفخيم، أو بمنح الألقاب، وما أكثر الذين لا يعدلون في المدح والثناء، في الوقت الذي يقول الله: {.. وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا.. } الأنعام١٥٢.
ويمتدّ الإسراف ليشمل الواجبات
وقد ورد عن الإسراف في العبادة، أنه حين سمع أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) نصائحه ومواعظه وحديثه عن العذاب والعقاب والحساب، قال أحدهم: أنا لن أتزوج، لأن الزواج يشغلني عن عبادة ربي، وقال آخر إنّه سيصوم الدهر كلّه ولا يفطر، وثالث أنه سيقوم النهار واللّيل كله... فخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) حينها محذِّراً من هذا السلوك غير المتوازن في العبادة، وقال لهم: "إني لم أؤمر بذلك، إنّ لأنفسكم عليكم حقّاً، فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا، فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللَّحم والدّسم وآتي النساء، فمن رغب عن سنَّتي فليس مني" - تفسير جوامع الجامع للطبرسي ج١.
وقد ورد في عمل الخير والصّدقات: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} الإسراء ٢٩.
{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} - الفرقان ٦٧.
إذاً، في حسابات الله، الإنسان مسؤول أن يبقى على توازنه عند كلّ نعمة وعطاء. والمسؤولية في ذلك لا تقف عند الموقف بين يدي الله تعالى، فالإنسان يتحمَّل مسؤوليّة مادية عن أيّ إسرافٍ يحصل منه في الماء أو الكهرباء أو المال.