قرآن - "أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ"
"أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ"
قوله تعالى: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" المجادلة :١٤.
هذه الآية الكريمة من سورة المجادلة تفضح قسمًا من تآمر المنافقين وتعرض صفاتهم للمسلمين، هؤلاء القوم الذين (غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم) ثم يضيف تعالى:(مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ) فهم ليسوا أعوانكم في المصاعب والمشاكل ولا أصدقاءكم وممّن يكنّون لكم الودّ والاخلاص، إنهم منافقون يغيّرون وجوههم كل يوم ويظهرون كل لحظة لكم بصورة جديدة وطبيعي هذا التعبير لا يتنافى مع قوله تعالى: "وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" المائدة :٥١.
-لأن المقصود هناك أنهم بحكم أعدائكم بالرغم من أنهم في الحقيقة ليسوا منهم .
ويضيف أيضًا واستمرارًا لهذا الحديث أن هؤلاء ومن أجل إثبات وفاءهم لكم فإنهم يقسمون بالإيمان المغلظة :( وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
وهذه طريقة المنافقين فيقومون بتغطية أعمالهم المنفرة ووجوههم القبيحة بواسطة الأيمان الكاذبة والحلف الباطل، في الوقت الذي تكون أعمالهم كاشفة لحقيقتهم .
-ومن هنا نستنتج أن الحلف الكاذب هو أحد علائم المنافقين .
والعجيب أن المنافقين لا يتخلون عن نفاقهم حتى في يوم القيامة أيضًا كما يوضح سبحانه ذلك في قوله "يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ۖ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ " المجادلة :١٨ .
إن يوم القيامة يوم تتجلى فيه الأعمال وحقيقة الإنسان التي كان عليها في الدنيا ولأن المنافقين أخذوا هذه الحالة النفسية معهم إلى القبر والبرزخ فإنها ستتضح يوم القيامة أيضًا ومع علمهم بأن الله لا يخفى عليه شيء وأنه علام الغيوب إلا أنهم وانسجامًا مع سلوكهم المعهود فإنهم يحلفون أمام الله حلفًا كاذبًا ويحملون معهم هذه الملكات السيئة حيث تفصح عن حقيقتها .
وتنتهي الآية الكريمة بهذه الجملة :( ۚ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ)
أما مصيرهم النهائي فهو الخسارة الدائمة كما قال تعالى: "اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ" المجادلة :١٩.
إنهم ليسوا منحرفين فحسب بل إنهم في زمرة الشيطان وهم أنصاره وحزبه وجيشه في إضلال الآخرين .
-ومن هنا نستنج كما أن الصدق يولد النصر الدائم كذلك الكذب يولد الخسارة الدائمة .
تفسير الأمثل في كتاب الله المنزل.