قرآن - سورة النّساء 75
نسائم قرآنية
قال تعالى { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا } سورة النّساء 75.
ففي الآية استنهاض وتهييج لكافة المؤمنين وإغراء لهم، أمّا المؤمنون خالصوا الإيمان وطاهروا القلوب فيكفيهم ذكر الله جل ذكره في أن يقوموا على الحق ويلبّوا نداء ربّهم ويجيبوا داعيه، وأمّا مَن دونهم من المؤمنين فإن لم يكفهم ذلك فليكفهم أن قتالهم هذا على أنه قتال في سبيل الله، قتال في سبيل من استضعفه الكفار من رجالهم، ونسائهم، وذراريهم فليغيروا لهم وليتعصبوا.
والإسلام وإن أبطل كل نسب وسبب من دون الإيمان، إلا أنه أمضى بعد التلبّس بالإيمان الأنساب والأسباب القومية؛ فعلى المسلم أن يفدي عن أخيه المسلم المتصل به بالسبب الذي هو الإيمان، وعن أقربائه من رجاله، ونسائه، وذراريه إذا كانوا على الإسلام، فإن ذلك يعود بالآخرة إلى سبيل الله دون غيره. وهؤلاء المستضعفون الذين هم أبعاضهم وأفلاذهم مؤمنون بالله سبحانه بدليل قوله:
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَارَ إلخ مع ذلك مذلّلون معذّبون يستصرخون ويستغيثون بقولهم: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وقد أطلق الظلم ولم يقل الظالم أهلها على أنفسهم، وفيه إشعار بأنهم كانوا يُظلمونهم بأنواع التعذيب والايذاء وكذلك كان الأمر.
وقد عبّر عن استغاثتهم واستنصارهم بأجمل لفظ وأحسن عبارة فلم يحك عنهم أنهم يقولون: يا للرجال يا للسراة يا قوماه يا عشيرتاه، بل حكى أنهم يدعون ربهم ويستغيثون بمولاهم الحق فيقولون: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا، ثم يشيرون إلى النّبي (صلّى الله عليه وآله)، وإلى من معه من المؤمنين المجاهدين بقولهم: وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا فهم يتمنّون وليّا ويتمنّون نصيرًا لكن لا يرضون دون أن يسألوا ربهم الوليّ والنّصير.