قرآن - سورة مريم 62
نسائم قرآنية
قال تعالى }وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} سورة مريم 62.
إن هذه الجملة تثير سؤالين:
أحدهما: هل يوجد في الجنة صبح وليل؟
وقد جاء جواب هذا السؤال في الروايات هكذا: إن الجنة وإن كانت دائما منيرة مضيئة، إلا أن أهلها يميزون الليل والنهار من قلة النور وزيادته.
والسؤال الآخر هو: إنه يستفاد من آيات القرآن بوضوح أن كل ما يريده أهل الجنة من الهبات، والأرزاق موجود تحت تصرفهم دائمُا وفي أي ساعة، فأي رزق هذا الذي يأتيهم في الصبح والمساء فقط؟
ويمكن استخلاص جواب هذا السؤال من حديث جميل روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله) حيث يقول: "وتعطيهم طرف الهدايا من الله لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا "
ويستفاد من هذا الحديث أن هذه الهدايا الممتازة التي لا يمكن بيان ماهيتها حتى بالحدس والتخمين، نعم قيّمة جدًا، تهدى إلى هؤلاء بكرة وعشيّا مضافًا إلى سائر نعم الجنّة.
ألا يدل تعبير الآية، والحديث الذي ذكر، على أن حياة أهل الجنة ليست على وتيرة واحدة، بل إن لهم في كل صباح ومساء موهبة جديدة ولطف جديد يعمهم ويشملهم!؟
أليس معنى هذا الكلام أن السير التّكاملي للإنسان سيستمر هناك، بالرغم من أنه لا يعمل عملا، غير أنه سيديم سيره التّكاملي بواسطة معتقداته وأعماله في هذه الدنيا؟!
وبعد الوصف الإجمالي للجنة ونعمها المادية والمعنوية، تعرف الآية أهل الجنة في جمله قصيرة، فتقول: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا} وعلى هذا فإن مفتاح باب الجنة مع كل تلك النعم التي مرت ليس إلا " التقوى".