www.tasneem-lb.net

قرآن

ديني - نسائم قرآنية الفتح 4 (الجزء الأول)

نسائم قرآنية

 

الآية : { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)} [سورة الفتح] – الجزء الأول

 

  التفسير

- نزول السّكينة على قلوب المؤمنين:

في الآية أعلاه الكلام عن الموهبة العظيمة التي تلطّف الله بها على جميع المؤمنين إذ تقول الآية:

هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم.

ولم لا تنزل السكينة والاطمئنان على قلوب المؤمنين؟ ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليمًا حكيمًا.

 

- ماذا كانت هذه السكينة؟

من الضروري هنا أن نعود إلى قصة " صلح الحديبية " وأن نتصور أنفسنا في فضاء الحديبية وفي جوّها لنطّلع على عمق هذه الآية.

لقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد رأى رؤيا " رحمانية وإلهية " أنه دخل المسجد الحرام مع أصحابه، وعلى أثر رؤياه تحرّك نحو زيارة بيت الله مع أصحابه وكان أغلب أصحابه يتوقعون أن هذه الرؤيا الصالحة سيتحقق تعبيرها في هذا السفر نفسه، لكن الذي قدره الله كان شيئًا آخر! هذا كله من جانب.

ومن جانب آخر كان المسلمون قد أحرموا وجاءوا بالإبل ليهدوها أو ينحروها، ولكنهم وعلى خلاف ما توقعوا لم يوفقوا لزيارة بيت الله، وأمر النبي أن ينحروا الإبل في الحديبية التي توقفوا فيها هناك. وأن يحلوا من إحرامهم، وكان ذلك أمرًا صعبًا عليهم ولا يمكن تصديقه، لأن آدابهم وسننهم وتعليمات الإسلام أيضا تنص على عدم الخروج والإحلال من الإحرام ما لم يتم أداء المناسك الخاصة بالعمرة.

ومن جانب ثالث كان من مواد معاهدة الصلح في الحديبية، مادة تقضي بإعادة المسلمين من يلجأ إليهم من قريش ويعلن إسلامه ويدخل المدينة! ولا يلزم العكس، وكان هذا الموضوع صعبًا على المسلمين للغاية.

ومن جانب رابع، فإن قريشًا لم ترغب أن تكتب كلمة " رسول الله " التي كان يدعى بها النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأصرّ ممثّلها سُهيل بن عمرو على حذف الكلمة من معاهدة الصلح، ولم يوافق حتّى على كتابة بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ، وأصرّ أن يكتب مكانها " بسمك اللهم "، التي كانت تنسجم مع سنّة أهل مكة، فهذه الأمور كل واحد منها كان غير مرغوب فيه، فكيف بجميعها؟ ولذلك تزلزلت قلوب بعض ضعاف الإيمان من أصحاب النّبي إلى درجة أنّه حين نزلت سورة إنا فتحنا قالوا أي فتح هذا؟!

هنا ينبغي أن يشمل لطف الله حال المسلمين وأن ينزل عليهم السّكينة والاطمئنان وأن لا يوجد في قلوبهم الضعف والفتور فحسب، بل ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم وتنطبق مصداقية الآية عليهم، فإن الآية نزلت في مثل هذه الظروف.

يتبع..

 

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٦ - الصفحة ٤٢٦.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد