www.tasneem-lb.net

قرآن

ديني - نسائم قرآنية الفتح 4 (الجزء الثالث)

نسائم قرآنية

 

الآية : { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)} [سورة الفتح] – الجزء الثالث.

 

السّكينة الّتي لا نظير لها!

إذا لم يكن للإيمان أيّة ثمرة سوى مسألة السكينة لكان على الإنسان أن يتقبّله!

فكيف به وهو يرى آثاره وثمراته وبركاته!.

والتّحقيق في حال المؤمنين وحال غير المؤمنين يكشف هذه الحقيقة، وهي أنّ الفئة الثانية يعانون حالة الاضطراب والقلق الدائم، في حين أن الجماعة الأولى في اطمئنان خاطر عديم النظير..

وفي ظل الاطمئنان، فإنهم لا يخشون أحدا إلا الله.

كما أنهم في مواصلة نهجهم لا يؤثر اللّوم والتهديد فيهم أبدا ولا يخافون لومة لائم .

وهم يتمسّكون بأصلين مهمين في حفظ هذه السكينة، وهما:

- عدم الحزن على ما فاتهم،

- وعدم التّعلق والفرح بما لديهم، فهم مصداق لقوله تعالى: لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ.

وأخيرًا فإنّهم لا يضعفوا أبدًا أمام الشّدائد، ولا يركعوا مقابل الأعداء ويتحلّون بشعار وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ.

إن المؤمن لا يرى نفسه وحيدًا في ميدان الخطوب والحوادث بل يحس بيد الله على رأسه ويلمس إعانة الملائكة ونصرتهم له، في حين أن غير المؤمنين يحكمهم الاضطراب في أحاديثهم وسلوكهم ولا سيما عند هبوب العواصف وطوفان الأحداث إذ يرى كل ذلك منهم بصورة بينة!

- سلسلة مراتب الإيمان:

الإيمان، سواء بمعنى العلم والمعرفة، أم روح التسليم والإذعان للحق فإن له درجات وسلسلة مراتب، لأن العلم له درجات، والتسليم والإذعان لهما درجات مختلفة أيضًا، حتى العشق والحبّ الذي هو توأم الإيمان يتفاوت من حالة إلى أخرى!

فالآية محل البحث التي تقول: لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ تأكيد على هذه الحقيقة أيضًا.. وعلى هذا فلا ينبغي للمؤمن أن يتوقف في مرحلة واحدة من مراحل الإيمان، بل عليه أن يتسامى إلى درجاته العليا عن طريق بناء شخصيته والعلم والعمل.

ففي حديث عن الإمام الصادق أنه قال: " إن الإيمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة" - الكافي/ج٢.

كما نقرأ عنه حديثًا آخر إذ قال: " إن الله عز وجل وضع الإيمان على سبعة أسهم على البر والصدق واليقين والرضا والوفاء والعلم والحلم فمن جعل فيه السبعة الأسهم فهو كامل محتمل وقسم لبعض الناس السهم والسهمين ولبعض الثلاثة حتى انتهوا إلى (ال‍) سبعة ".

ثم يضيف الإمام (عليه السلام): " لا تحملوا على صاحب السّهم سهمين ولا على صاحب السّهمين ثلاثة فتبهضوهم ".. ثم قال كذلك حتُى انتهى إلى (ال‍) سبعة . الكافي/ ج٢

ومن هنا يتضح ما نقل عن بعضهم أن الإيمان ليس فيه زيادة ولا نقصان لا أساس له، لأنُه لا ينسجم مع الثّوابت العلمية ولا مع الروايات الإسلامية!.

 

- ركني السكينة:

قرأنا في ذيل الآية محل البحث جملتين، كلّ منهما تمثّل ركنا من أركان " السّكينة " والاطمئنان للمؤمنين.

فالأولى: جملة وَلِله جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ

 والأخرى:  وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا

فالأولى تقول للإنسان: إذا كنت مع الله فإن جميع ما في الأرض والسّماء معك!.

والأخرى تقول: إن الله يعلم حاجاتك ومشاكلك كما يعلم سعيك وطاعتك وعبادتك.

ومع الإيمان بهذين " الأصلين " كيف يمكن أن لا يحكم الاطمئنان وسكينة القلب وجود الإنسان!

 

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي- ج ١٦- صفحة ٤٢٦.


تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد