أسرة - مدخل إلى الحياة الزوجية |3|
مدخل إلى الحياة الزوجية
|3|
من محاضرات الشيخ محمد قبيسي
• لأنّ الغربيّ لا يعطي أهمية للدين، ولأنّ الأساس عنده الإنسان وليس الله، فقد وقع في الأنانيّة، وأفرط فيها، وسكر بها حتى غاب عن ذاته وفطرته.
بعض العلماء المسلمين، عندما يتحدث عن فلسفة التكامل، (طبعًا الغربي لا ينطلق من التكامل بل من الحاجات) يقول بإنّ حبّ النفس هو أمر فطريّ لكن بأيّ معنى، بمعنى إنكار الذات، يعني أنا أحبّ لنفسي أن تكون طائعة وعابدة لله لا عابدة للذات والهوى، ولا تطلب الحياة لأجل النفس ولا تطلب العبادة لأجل النفس، إن محور وجودها الله وليس النفس، يعني أنا لا يمكنني أن أتكامل إلّا بالله، وحتّى أتكامل بالله يجب أن أغنى به ولا أغنى بذاتي. نفسي أنا التي أحبّها لا يمكن أن تتكامل إلّا به فيجب أن أعلن الافتقار والعجز.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.
• أمير المؤمنين عليه السلام، عندما يريد أن يصل إلى الكمال يقول في المناجاة الشعبانيّة: "إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك"
• حبّ النفس لدى الأولياء العارفين هو بالإعتماد على الله لا بالإعتماد على النفس.
• يقول أحد العرفاء: "بحسب الإناء يكون العطاء" ، أي أن ما أحصل عليه من الله إنما هو بحسب درجة تقبلي وبحسب دوافعي المخلصة.
• مثال، أنا إذا كنت أريد أن أكون متعلمًا أو عالمًا، فبحسب ما أفرغ وأهيء نفسي للمعرفة أحصل على ما أستحقه من التكامل، وإلا فسأحصل على العلم ولا أحصل على التكامل.
• فبقدر سعة هذا الإناء الإلهيّ ونقائه، أي النفس، يكون عطاء الله (بقدر ما تكون النفس متفرّغة من الذاتيّة والأنانيّة والعنديّة تحصل على الفيوضات الإلهيّة). يحدثنا القرآن الكريم عن قارون وقد كان غنيًا غنىً فاحشًا (قال إنما أوتيته على علم عندي،) وهذه هي العندية التي تمنع الإنسان من السير والسلوك إلى الله.
• جميع الفيوضات والتوفيقات في الحياة، خاصة في الحياة الزوجية هي من الله ولكن إذا كان إنائي صغيرًا بسبب الغفلة والذنوب، فسيكون العطاء قليلًا، وعندما يكون إنائي ملوّثًا فسيكون العطاء ملوّثًا أيضًا، إذا كنت واقعًا بحبّ النفس وحبّ الدنيا فستختلط أعمالي وعباداتي بحب النفس، ولا ترفع إلى الله خالصة، ويزداد حبّ النفس وحبّ الدنيا لدى العبد على رغم إمتلاكه للعلوم الإسلامية، والتزامه بالعبادات، ~وفي الحياة الزوجية التي هي لنفي الأنانية، قد تزداد فيها الأنانية،~ كلّ نفس تأخذ قسطها بالعدل، بدون أدنى نقص .
• إنّ هذا الموضوع دقيق، ولكن لنلتفت إلى الدقّة الأعظم قال تعالى ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بقدرها.﴾، فهنا، تبيّن الآية أنّ الفيوضات الإلهيّة موجودة وتتنزل دائمًا من معدن الكرم وأنّ كل قلب يأخذ منها بحسبه، الفيوضات الإلهيّة لا حدود لها ولكن الإنسان بحسب وعائه ومجراه الروحيّ يستطيع أن يختزن في باطنه لنفسه ثم يجري منها للآخرين .
يتبع.