أسرة - فاكهة الحب
فاكهة الحب
هي رحلة تمرة واحدة ذات نصفين، بدأت مشوارها مع كأس ماء نديّ، في يد الإمام المباركة، تحملها لأول مرة نحو مبسم فاطمته الخجِل.
ولتستقرّ فاكهة الحب تلك في قلبيهما عمرًا من الأنس والود والرحمة.
كانت الكأس نفسها، وثمار غرسة الحب الأولى المزروعة عند باب دار علي، حاضرتان دومًا على مائدة أيام العائلة، بحُلوها ومرّها.. ومع حَسَنها وحسينها وزينبها.
وعادت تمرة النصفين، بعد ستين عامًا، عشية اللقاء الأخير، وكأس الماء الخاوية هذه المرة إلا من لهفة الأخوّة وطيبها وحنانها واحتضانها.
عادت بنصفين مسقيَّين، واحد من دمع زينب وآخر من نحر الحسين.
ليست غريبة تلك العلاقة الوجدانية العميقة بين أبناء الزهراء وعلي عليهما السلام، طالما أن الأساس العاطفي بين الزوجين كان ثابتًا وقويما، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) "مودة الآباء قرابة بين الأبناء".
لكن الغريب والمحيّر هو كيف سينشأ الأبناء في بيتٍ يملؤه الصراخ والضجيج والخلاف! وعلى أي خلفية سيخرج هؤلاء المساكين إلى المجتمع، وكيف سيتمكنون من التعامل مع تجاذباته؟
فنصف طريق التربية يُختصر في طبيعة العلاقة بين الأم والأب، وفي طريقة التواصل بينهما.. لأن الطفل يرى نموذجًا وحيدًا من علاقة إجتماعية متكاملة، بكل ما تحمله من مواصفات: احترام، ثقة، إخلاص، تعاون، عقلانية، صدق، مبدئية، مسؤولية..
وعلى هذه الخلفية التربوية التي عاينها وعايشها سيبني شبكة علاقات مصغرة مع إخوته، ثم وبعد ذلك مع المجتمع الخارجي!
وسينطلق في مقاربته لأي موقف أو قضية أو معضلة يواجهها من خلفيته الأسرية: كيف كان يتصرف والداي مع المشاكل، كيف كانا يعالجان التباينات، وكيف كانا يتواصلان عند الخلافات.